بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
أتاتورك الإسلام السياسي
بما أنني مُتهمٌ ... فسأحاول تغيير طريقة كتابة مقالي هذا،
فعادة الكاتب البحث عن مدخل لمقاله، محاولا قدر الإمكان تلطيف العبارة وتطويع
الفكرة، لتمر سلسة في ثنايا سرد تسري فيه روح النكتة ما أمكن إلى ذلك سبيلا، لكن
كيف السبيل إن كنتَ متهما وتحاول دفع الظنون والاتهامات.
تهمتي الرئيسية أني لا أترك مقالا إلا وذكرت فيه زوجتي أم طارق
بشكل أو بآخر، (وليست تهمتي الشغب على انحرافات الإسلام السياسي - كما ظن البعض - فذاك شرف معركة إنكار منكر لم تبدأ بعد)، فمن
كان يُؤذيه النصح أو تُغضبهُ الحقيقة، ويعتبر ما أكتبه مجرد اتهامات، فليس لي عليه
من سبيل.
دفعا للتهمة، فلن أجعل مدخل مقالي رحلتي إلى تركيا مع أم طارق
عام 2007، بل سأعود لرحلة استنبول مع شباب الهندسة عام 1992، فمن كان مهتما بالقراءة
فَحَيَّهلا، ومن كان غير مهتم فحياه الله، ومن كان مهتما ويُظهر أنه غير مهتم، فقد
ضَبط نفسه متلبسا بقراءة خربشاتي.
أما بعد
لقد كانت رَعْبَتهُ مُخيفة،
عندما أخبرناه أن الضابط على الحدود السورية طلب مقابلته، فَطَلَبُ أي شخص على
الحدود، يعني غيابه عن الأنظار عقدا من الزمان في أحسن الأحوال، أو ربما غيابه عن
الدنيا إلى الأبد في سوريا المقاومة
والممانعة، وليس في ذلك من بأس، فالأولوية للقضية وللعروبة وللقدس، ولا بأس أن
يفقد الأبناءُ آباءهم وأن تثكل الزوجاتُ أزواجهنَّ، لمجرد تشابه أسماء على الحدود،
بينما إخوانهم المفترضين من قيادات حركات
المقاومة والتحرر، تُحرر فلسطين من فنادق دمشق.
نادينا عليه لنخبره ضاحكين أننا كان نُمازحه، فلم يدري المسكين
هل يفرح بعودته إلى الحياة من جديد، أم يصب جام غضبه علينا وقد كدنا نهوي به في سجن
(فرع فلسطين) الشهير الكائن بجانب فنادق دمشق.
استأنفنا - بعد المقلب - رحلتنا السياحية البرية عبر سوريا مرورا
بحدود باب الهوى، نضرب أكباد باص البولمن نحو تركيا، مستنشقين هواءها العليل الذي
كدرته رائحة مزارع الدجاج التي زعم أحدنا أنها سبب الرائحة الكريهة التي رافقتنا
لمسافة طويلة في مسيرنا الليلي، فتساءلنا، أيعقل أن مزارع الدجاج تمتد إلى مسافة
لا تقل عن 100كلم ؟ وبعد تحرٍ بسيط، اكتشفنا أن مصدر الرائحة هو جوارب الراكب
القابع خلفنا.
تركيا من أجمل بلاد الله في أرضه، ابتداء من أنطاكية التي حللنا
بها، مرورا بجبال طوروس وصولا إلى حاضرة الخلافة العثمانية ومدينة المدن إستنبول،
إن الإرث الحضاري الكبير الذي تركه العثمانيّون على العالم وأوروبا من جهة، وعلى
العرب والمسلمين من جهة أخرى، لا يزال حيا، يستحضر حب المسلمين وتعاطفهم، وبغض
أوروبا وحروبها، ورغم أن تركيا أردوغان وحزب العدالة والتنمية تُصر وتُصرح أنها
علمانية، كما ينص دستورها وميثاق حزبها الحاكم، وتدعو علنا إليها، وهو ما نصح به
أردوغان الإخوان في مصر يوم زارهم إبّان حكمهم، رغم ذلك فلا زال الكثير من أبناء
الصحوة يُصرون أنها إسلامية، وَيُقَوِّلُونَ
أردوغان وحزبه ما لم يقله، وقد أسهم الخطاب المزدوج لأردوغان في هذه الضبابية،
خطاب العاطفة للشعوب، يكرر فيه قصة جمال عبد الناصر الذي (زرع لنا البحر مقاثي)، فحسب
خطبه الحماسية، هو سليل الدولة العثمانية وأرطغرلها، وحامي حمى فلسطين والقدس، أما
خطاب السياسة القومية والعلاقات الدولية فهو لا يراعي عمليا إلا مصالح تركيا
العليا، حتى لو كانت على حساب تسليم حلب - وعما قريب إدلب - للنظام السوري، أو الاتفاق مع روسيا وإيران في حلف (الضامنون
الثلاثة) وفتح أجواءه للروس لقصف الشمال السوري، وعلاقاته الدبلوماسية والتجارية
مع إسرائيل، حاله معهم كالمثل العربي (أوسعتهم شتما وأودوا بالإبل)، والغريب
أننا نسبُّ السعودية على نيتها السرية التطبيع مع إسرائيل، ونصفق لأردوغان وهو على
علاقة علنية معها.، أضف إلى ذلك أن الإسلام السياسي يعتبر تركيا آخر حصونه الصامدة،
بعد انهيار تجربة الإخوان في مصر ونزوح الناجين منهم إليها.
إن هذه الأسباب جعلتهم يصنعون من أردوغان مقدسا لا يمكن
الاقتراب منه، ولو اقتصر مدح هؤلاء، على أن الرجل خدم بلده، وأفاد قومه، وصنع لهم
اقتصادا قويا (رغم تشكيكي بذلك لأن عاقبة الربا المحق) وجعل لهم مكانا بين الدول
المحورية في المنطقة، لربما سكت العقلاء عن ذلك، أما جنونهم به، واعتباره أرطغرل
القرن الواحد والعشرين، والخليفة القادم، فتلك هي الطامة الكبرى، فالله أعز من أن
يُطاع بمعصتيه، وهو أجلّ من أن يَنصُرَ دينه على أُسسٍ علمانية بحجة الاستضعاف،
فالرسول صلى الله عليه سلم عَرَّفَ نفسه وهو مُستضعف تعريفا واضحا من أول يوم ولم
يقل أنه على ملة قريش ليمرر مشروعه، وعندما أقام دولة المدينة المنورة - التي كانت
أضعف من تركيا بآلاف المرات - لم يسمح بأي
من المحرمات، أما إن كان معيارنا هو الحريات الدينية في تركيا، فبريطانيا فيها
حريات دينية للمسلمين أقدم وأكثر من تركيا، فهل نعتبر تريزا ماي خليفة للمسلمين
!!!
أعرف أني بهذا الكلام فتحت على نفسي معركة حامية الوطيس، لابد
للناصح من خوضها، حتى لا نكرر أنفسنا، يوم كنا نقدس عبد الناصر، ونصفق لمواقف
القذافي القومية، ونمدح خطابات بشار العروبية، ونسبح بحمد سيد المقاومة حسن نصر
الله ... والله يستر من آخرتها، فقد أصبح قاسم سليماني حليف أردوغان على حدودنا
الشمالية.
وحتى لا يطبلني أحد بقصة الشمعة وإضاءتها، فشمعتي - بعد أن لعنتُ
الظلام - هي السهل الممتنع،أن نلتفت إلى
أنفسنا ونصلح بلادنا، ونمتلك أسباب القوة
والمنعة، بدل التغني برجل قومي تركي يسعى لمصلحة بلاده فقط (كالصلعاء التي تتباهى
بشعر جارتها)، إلا إن كنا نعتبر السفر إلى تركيا وحضور المؤتمرات السياحية تحت
مسمى الوطنية والسياسية، واللجوء السياسي، وسماع الخطب الرنانة، هي منتهى أملنا
وغاية هدفنا، كما صرح أحد القيادات بعد حضوره إحدى تلك المؤتمرات عن سيد قطب في
مدينة ماردين التركية بقوله (تجربة أردوغان هي التجربة الأقرب إلى فكر سيد قطب)
.... حبة بندول رجاء يا شباب، لا والله بدها عقار البثدين.
شباب طائش، شو بدك تعمل معنا ؟ فبدل أن نَسْتَغلَّ وقتنا في
زيارة قصر دلمة بهجة أو متحف توب كابي في إستنبول، حيث شعرات الرسول صلى الله عليه
وسلم وعباءته، لا عباءة الطرق المولوية (حيث ما لله لله رقصا، وما لقيصر
لقيصر حكما)، بدلا من ذلك، أمضينا ليلتنا بمطاردة فأر مسكين في الشقة المتهالكة
التي سمحت لنا ميزانيتنا استئجارها، ورغم كثرة عددنا إلا أن الفأر تغلب علينا
ليلتها، ولم تجدي معه كل أساليب الحرب، من الضرب بالعصي والشمط بالشحاطات، والتعذيب بالماء الساخن، فاستيقظنا منهكين ونحن نتوجه نحو بلدة (يلوة)
البديعة بغاباتها الجميلة وأناسها الطيبين، (الذين ربما تخدعهم العلمانية يوم تلبس
لبوس الدين)، وحيث حماماتها المعدنية، والتي أقنعني أحد الشباب، ضرورة دخولها وعمل
مساج لركبتي التي كنت أعاني من إصابة فيها، وبما أني مسكين لا أقول لأحد (لا) ،
استجبت لطلبه، فخرجت بعد المساج وقد عُرِكتْ ركبتي عرك الأديم، فانتفخت ولم أعد
أستطيع المشي عليها.
وبما أني بحاجة إلى عودة سريعة إلى قواعدي سالما قبل بدأ القصف
عليِّ بعد هذا المقال، وبما أني لا أستطيع المشي على رجلي بعد المساج الكارثي في
يلوة، فقد اشترى لي الشباب تذكرة طائرة عاجلة
وشحنوني من يلوة إلى إستنبول، ومنها إلى عمان، ومنها إلى غرفة العمليات في
مستشفى الجامعة، لأستخدم العكازات بعد ذلك لمدة خمسة أشهر بالتمام والكمال.
هذا وباستخدامي لقصة رحلة تركيا عام 1992 مع الشباب بدل رحلتي
مع أم طارق عام 2007 كمدخل للمقال، أكون
قد دفعت عن نفسي تهمة ذكر زوجتي أم طارق في
كل مقالاتي.
صحيح تذكرت ...
لقد كان آخر يوم لي - بالضبط - مع العكازات، هو اليوم الذي ذهبت
فيه إلى بيت عمي أبو بلال رحمه الله لأطلب يد ابنته، ورغم أني دخلت عليه بالعكازات،
إلا إنه وافق على أن أكون له صهرا ... فعلا إنه بفهم.
ألم أقل لكم أن تهمتي باطلة !
والسلام
19/12/2017
تعليقات على المقال من حوارات الفيس بوك :
نقاشي مع الأخ عمر الشروف
أتفق معك فيما قلت باستثناء 90% منه 🤣
إن حال هؤلاء الذين ظنوا أن حكم أردوغان هو
حكم إسلامي من ناحية نياتهم ومقاصدهم لهم أشرف حالا وأنبل غاية ممن يمدحون أردوغان
لعلمانيته، فهم يعتقدون أن حكم الإسلام هو الحكم وأن شريعة الرحمن هي الشريعة، لكن
إستهم أخطأت الحفرة، يوم ظنوا أن العلمانية المؤمنة هي السبيل، أما من يعتقد أن
العلمانية بشقيها الدكتاتوري والديمقراطي، هي الحل، فهم من أسفه الناس عقولا
وأقلهم وعيا وإدراكا لسنن الحياة والخلق.
إن الذي خلق السماوات والأرض، وخلق الذرات
والبروتونات، عالم الغيب والشهادة، العزيز الحكيم الخبير، لم يخلق البشر عبثا ولم
يتركهم هملا، إنما بعث لهم محمد صلى الله عليه وسلم بالدين الخاتم والشريعة
المكتملة المعجزة إلى يوم الدين، والتي بها صلاح البشر وعمارة الأرض، ومن ظن غير ذلك فقد افترى على الله الكذب، إذ اتهمه
بالعجز والضعف " أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ
مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ".
فإما إنه إله يُعبد في المسجد وفي الحياة
العامة وفي الاقتصاد والاجتماع والسياسة، وإو إنه عاجز لا يستحق منا العبادة وحاشا
له ذلك فهو "اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا
تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي
الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا
بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ
إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا
يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ"
أما من يعتقد أن العلمانية سواء التركية أو
الماليزية، وسواء كانت علمانية مؤمنة أو كافرة ، هي السبيل فهو بحقيقة الحال يؤله
عقله ويعتقد في نفسه القدرة التي تفوق قدرة الخالق عز وجل في التشريع ووضع ما يصلح
للبشر في حياتهم، بخلاف المساكين الذين يظنون أن العلمانية المؤمنة هي طريق
الإسلام، سبب هذا اللبس عندهم هو عدم وجود تطبيق حي للإسلام حاليا، فتعلقوا بقشة
أردوغان.
أما تاريخنا يا عمر، فهو أفضل ما مر على البشرية منذ فجرها،
ووجود بعض الأخطاء أو حتى الكوارث في مرحلة معينة من حكم الإسلام فمرده أخطاء
المسلمين وليس الإسلام وحكمه، ولقد كانت أغلب هذه الأخطاء محصورة في بعض الممارسات
السياسية، وقد كتبت في هذا الشأن مقالا يمكن المهتم الرجوع إليه، حتى لا نبقى نمجد
تاريخ الأمم الأخرى التي جرّت على البشرية الويلات بينما نحن من عَمَّرَ الأرض
بالعدل والرخاء.
المقال أدناه كُتب بتاريخ 4/6/ 2017 :
يتبع
......". وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا
هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا"
تعقيبا على ذلك المنهزم أمام تاريخ الإسلام المجيد الذي لم
يمر على البشرية أفضل منه، آخذين بعين الاعتبار شمولية المعايير التي من خلالها
يتم تقييم ما مضى من 1300 عام حكم فيها الإسلام أراض شاسعة وأمم شتى،
فإن الباحث المنصف سيرفض حكم ذاك المهزوم الذي حكم على التاريخ الإسلامي بعد الحكم
الراشدي من خلال قصص وحكايا كتاب الأغاني بأنه حكم فاشل بسبب اختلال حدث في بعض
جوانب الحكم السياسي من توريث للحكم هنا أو ظلم حدث هناك، متناسيا ما فاض به ذاك
الحكم على البشرية - بعدما ارتوت به أمة الإسلام - من إيمان وأخلاق وعدل وحرية
وعلم ورخاء، وما لا يعد من عشرات المعايير التي يتم من خلالها إصدار الأحكام
المنصفة.
ولعل الخلل الذي وقع به وغيره هو مقارنته تلك الفترة بفترة
النبوة والتي حاشا للرسول صلى عليه وسلم أن يصل أحد إلى كمال حكمه أو حكم خير من
وطئ الثرى بعده من الصحابة الكرام، إنما تجب المقارنة مع حكم الأمم الأخرى التي
عاصرت ال 1300 سنة الماضية وكنا فيها مرجع الإيمان ومنتهى الآمال تضرب إلينا أكباد
الإبل آلاف الأميال ابتغاء الحكمة وابتغاء الخلاص.
أما إن كان صاحبنا يقارن - منبهرا - تلك الفترة بأنظمة الحكم
الغربية المعاصرة التي يقف فيها رجل في صورة جماعية خاصة بزوجات رؤساء وزراء
الاتحاد الأوروبي باعتباره زوجة رئيس وزراء لوكسمبورج (الصورة مرفقة بآخر الكومنت)،
أو يقارن تاريخنا المجيد بتاريخ الليبرالية الغربية التي حققت لشعوبها الحرية
والتقدم والرخاء على حساب سحق أمم الأرض ونهب ثرواتها ؛ فذاك رجل يحتاج إلى إعادة
معايرة حتى يتسنى له فهم سنن الله الغلابة" انتهى المقال.
وللعلم فزوجة أردوغان موجودة في هذه الصورة التذكارية (أدناه)
لزوجات رؤوساء الاتحاد الأروربي مع (الشاذ المقرف المستمطر حجارة السماء) زوجة
رئيس وزارء لوكسمبورغ المصون .
إنها العلمانية المؤمنة في أرخص صورها
ومن كان معياره الإنجاز الاقتصادي للحكم على تجربة العلمانية
المؤمنة في تركيا، فحري به اتباع الأعور الدجال يوم يأتي ويدّعي الصلاح على الصعيد
الديني، وعلى صعيد الإنجاز فهو على رأس القائمة، يُخرج ذهب الأرض، يُغني من يتبعه،
ويُفقر من يخالفه (بإذن الله)
فالمعيار الوحيد هو معيار الله ورسوله، وليس لأحد الاقتراب من
محرمات الله وحدوده، من ربا و زنا وشذوذ، وخمر، وأنجرليك، بحجة التدرج.
وتجد مفكرا إسلاميا يستغفل أمة المليار ونصف مسلم ويقول لنا
أن العاهرات أصحاب الرايات كنَّ يرفعن راياتهن ويمارسن عهرهن في مكة والرسول لم
يفعل معهن شيء !!! لذلك فأردوغان على الحق.
حاشا لرسول الله هذه الفرية وهذا التلبيس : فالرسول في مكة
كان فردا ولم يكن حكومة ودولة ولم يكن معه أكثر من 100 شخص في أحسن الأحوال ولم
يكن آمرا أو ناهيا في ظل حكم قريش التي عرضت عليه الملك فرفضه.
وعندما أقام حكومة ودولة في المدينة فإنه لم يسمح بأي شيء من
هذا، بل طبق كل الأحكام النازلة إلى حينه، حتى لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع يدها،
واحترم حدود الله، واحترم دينه ومبادئه ولم يستلم حكما في مكة عند الاستضعاف،
ليكون راعي العاهرات والشواذ والربا والزنا والخمور كما هو أردوغان.
"ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه"
ألا إن محارم الله وحددوه في تركيا هي المهانة، ألا وإن حمى
الاقتصاد والقومية وقصر أردوغان الذي كلف مليار دولار هي المصانة.
اللهم إني أبرأ إليك من هذا
اللهم فاشهد
تعليقي على مداخلة الأخ هاني زاهدة
خامسا : أما قولك أني أدعو إلى مشروع قائم على انتظار الأعور
الدجال، فذاك خلاف الصواب، ولم يرد في كلامي أبدا، بل أنا من أشد الناس على من
يربط الأحداث بالغيبيات، أو من يعتمد على سياسة انتظار المهدي أوما شابه، أما ذكري
للدجال في تعليقاتي السابقة، فإنه كان من وجه الشبه المتعلق باعتماد (الإنجاز
الاقتصادي) كمعيار للحكم على نجاح التجربة وصحة المسار، ومن يعتمد على هذا المعيار
وجب عليه تصحيح تجربة الإمارات من باب أولى، وتصحيح تجربة هرقل روما يوم حقق لشعبه
إنجازا اقتصاديا بديعا على حساب شعوب الأرض التي كان يُلقي بها تصارع الأسود في
مدرج الكولسيوم ليستمتع شعب روما العظيم بالنظر إلى افتراس الأسود للمساكين، وعلى
ذلك قس.
رابعا : أما مسألة (رجال الدين) هذه التي يدندن حولها كل من
أراد أن يكون الدين سداح مداح، والتي يتم فيها تأميم الدين لمن هب ودب، فهي والله
الطامة، إذ ساويتم فيها بين من يعلم ومن لا يعلم، والغريب أن هذا (الحيط الواطي)
هو فقط في حق الشرع، أما الطب والهندسة والفيزياء والقانون وغيرها من جوانب العلوم
النظرية والتطبيقية، فإن ممارستها مضبوطة بأهل الاختصاص وبالقانون، والنظرة إلى
الشريعة الخاتمة على أنها مجرد قيم متعلقة بالأمانة والإحسان واتقان العمل وضمير
فقط، فالأم تريزا أولى منا بذلك. بل هي شريعة حاكمة (وإن لم يكن الواقع حاليا
مطابقا) وشاملة وبنصوص مقدسة قد يختلف أهل الاختصاص في فرعياتها لا كلياتها
وأصولها، وقد أحيطت هذه الشريعة بمنظومة علوم شريفة غير مسبوقة، ومن أراد الله به
خيرا فقد فقهه فيها. وتخيل أخي هاني لو أنك طبقت هذه الطريقة على القانون والمحاكم
التي تتعامل بها يوميا، وسمحت للمراسل والفراش في قصر العدل بالجلوس مكان القاضي،
فما هي النتيجة ؟؟ وشرع الله أجل وأعظم وهو المهيمن على كل العلوم التي هي أصلا
مخلوقات لمرسل هذه الشريعة عز وجل.
ثالثا : أما موضوع محاكمة المشاريع الأخرى والملل الأخرى بناء
على المرجعية الإسلامية، فذاك ليس بدعة ابتدعتها، إنما هي حقيقية وجودية، فقد أرسل
الله الإسلام كدين خاتم مهيمنا على الأديان الأخرى يسعى في نهاية المطاف أن يكون
حاكما للأرض كلها، وهو وعد رباني لا دخل لي به، ومن ضمن هذه الشريعة المهيمنة، أن
أهل الكتاب يتحاكمون إلى شرائعهم من الناحية العملية، أما من الناحية النظرية أو
من الناحية القيمية "قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ ".
فالحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع، حتى لو كانت تجربة
حكم قبائل الزولو لجنوب إفريقيا.
فالمسلم ميزانه واضح ونظرته مبنية على معايير سياسية واجتماعية
واقتصادية وأخلاقية يحكم من خلالها على ما يراه، وإلا فإننا إمة لا تستحق الخيرية
التي أعطانا الله إياها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "كُنتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنكَرِ" وكيف برأيك سنكون " وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً
وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ
شَهِيدًا ۗ"، فنحن (أمة الإسلام) شهداء الله على خلقه وهو الغني عنا عز وجل.
ثانيا : أم قصة (المشروع الحداثي) فتلك معركة مصطلحات لسنا في
معرضها الآن، فاختصر وأقول : إن قصدت ب (الحداثي) من ناحية الوقت، حدث اليوم ولم
يحدث البارحة، بمشيلك إياها، أما إن قصدت الحداثي المعاكس للرجعي المتخلف، فاسمح
لي أن أقول لك، أن تجربة أردوغان هي أكثر التجارب رجعية في تاريخنا المعاصر، وقد
عادت بنا إلى ما قبل الجاهلية الأولى يوم كان الناس يؤلهون الحجر وهم اليوم في
علمانيتهم يؤلهون عقولهم، ينظنون أن فصل الدين عن السياسة هو عين الحكمة كما يصر
ويزعم أردوغان، وهو بذلك وضع نفسه ندا لله، وأي صغار ورجعية وسقوط أكثر من هذا،
ويزيد عليه في ذلك أن جذوره إسلامية، فهو يعلم، ومن يعلم يكون حسابه عند الله أشد
ممن لا يعلم وكان أصلا علمانيا.
واعلم أخي الحبيب أن المشروع الإسلامي (وهو غير موجود حاليا) هو
الحداثة وهو الخير وهو التطور وهو الذي يلبي حاجة البشرية في كافة نواحي الحياة
وضعه رب العباد (الذين تجرأوا عليه بزبالات أفكارهم).
أولا : يعجبني فيك دماثة الخلق وحسن اختيار العبارة، فأنت من
بيت لو التقيت بأفراده كل على حدة، لعرفت أنهم إخوة تربوا في نفس البيت الكريم،
تذكرني دماثتك بطيب الذكر عماد فأبلغه مني السلام، وسامحني إن أسأت .
حفظك الله
رد على الأخ أحمد أبو عمر
أولا: لماذا الآن ؟ لأن الموضوع لم يُطرح البارحة، ولو
طُرح الموضوغ غدا سيكون الجواب : لأنه لم يُطرح اليوم. أظنه سؤال سُفِسْطائيّ،
إنما هو منكر أُنكره وقد استفحل شره.
ثانيا : صراع مصالح الغرب معه لا علاقة له بانحراف
بوصلته عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم، فمصالحه كانت البارحة مع أمريكا ضد
روسيا، وهي اليوم مع روسيا ضد أمريكا، اشترى الفصائل السورية البارحة، وباعها مع
حلب وإدلب اليوم.
ثالثا : القياس على الانجاز الاقتصادي ليس بمعيار لمعرفة
الحق من الباطل، فكل يسعى لمصلحة بلده، وما أنجزته الإمارات اقتصاديا وعمرانيا
يفوق ما أنجزه أردوغان، وقد حقق نتنياهو لليهود ما لم يحققه غيره لشعبه، فتلك
مقاربة غير سليمة.
رابعا : لو نظرت إلى إنجازاته ومصالحه التي حققها
بتحالفه مع أمريكا أيام كانت تقصف العراقيين من قاعدة أنجرليك، ومصالحه التي حققها
بتحالفه مع الروس الذين أبادوا السوريين واستخدموا أجواءه لقصف الشمال السوري،
وقارنته مع ما أصاب العراقيين والسوريين، أو لو كنت مع من دُمرت بيوتهم، أو كنت
ممن اغتصبَ حلفاؤه الإيرانيين الحاليين زوحته أو بنته ، لكفرت بكل إنجازاته
القومية، ولبصقت على المحافل الدولية التي ناصرنا بها، لكننا ندافع عنه هنا،
بعيدبن عن إجرام الروس والايرانيين والأمريكان، وكأننا لسنا جسدا واحدا.
خامسا : ما فائدة الحجاب ودروس تحفيظ القرآن ، إن انتهكت
محارم الله.
سادسا : نقاشي مع Omar Shroof أعلاه فيه تفصيل أكثر.
سابعا : سألت سؤالا بريئا في كومنت عن مقارنة أردوغان
بالحكام العرب من ناحية موقفهم من الشذوذ الجنسي، لم يجب عليه أحد لغابة الآن ،
يمكنك مطالعة السؤال.
ثامنا و سأكتب سؤالا جديدا بكمونت مستقل أبحث له عن جواب
أيضا.
تحياتي الخالصة