الثلاثاء، 31 مارس 2020

يومياتي مع كورونا


مقال (يومياتي مع كورونا)
بسم الله والصلاة والسلام على من حط الله من قدر من سخر من أحاديثه صلى الله عليه وسلم
ملاحظة: هذا المقال وإن كان اجتماعيا ساخرا إلا انه يحتوي على غمز ولمز فأنصح عُبّاد الأصنام تركه فهو أسلم لهم وأريح لي
مع أن الأبواب على منصات التواصل الاجتماعي أُغلقت بوجهي وهجرني الأصدقاء وشتمني الأعداء وهددني السفهاء بالأموات رحمهم الله، إلا أن الأبواب التي فُتحت أمامي وحجم الاحترام الذي حظيت به من قبل الحكومة هذه الأيام غير مسبوق، رغم أني تاريخيا من خصومها العُتاة، فتراني أتجول في زمن الكورونا بالسيارة في كل مكان وأعبر كل الحواجز التي تصطاد كل المُتَفَلِّتين وأمضي مع تحية احترام من الشرطة، (فطُقُّوا وموتوا) يا من حُبستم في بيوتكم مع زوجاتكم، فقد نجوت أنا من عصاية قشاطة أم طارق الوارد ذكرها في مقالاتي السابقة ولم تنجوا أنتم، و(جاجة حفرت على راسها عفرت) وسبحان مَنْ إنْ أُغلق في وجهك باب فتح لك أبوابا.
ولكن على رسلكم يا جماعة الرأي والرأي نفسه، فلم أصبح بعد عميلا للحكومة كما اتُهمتُ سابقا أني عميل للسعودية والإمارات وللصهيونية العالمية، فأنا لغاية هذه اللحظة لا أستطيع استصدار شهادة حسن سلوك من الحكومة لأني (naughty boy) بالنسبة لها، ولم تسمح لي الحكومة بعبور حواجزها لأني عميل أو طبيب أو مهندس، مع أني مهندس (قد الدنيا) وعندي شركة هندسية، إنما سمحت لي بالمرور لأني وشريكي قررنا في يوم من الأيام في غابر الزمان الاستثمار في مشروع سوبر ماركت، فامتلكت بذلك سند تسجيل يعمل عمل السحر على الحواجز باعتبار أننا نقف في خط الدفاع الأول عن قوت المواطن وشبسه وسنكرزه وراس عبده، فتراني أقطع عمان من شرقها إلى غربها لأُحضر معلّم السوبرماركت السيد محمد وصفي عفوا الشغيل محمد وصفي، فلم أعد أستطيع تسميته المعلم خوفا من الاعتقال على الحواجز، لأن أحدها كاد يعتقلنا عندما عَرَّفْتُ نفسي أني صاحب السوبر ماركت وأن محمد الراكب معي بالسيارة هو المعلّم، فحسبني الشرطي أكذب عليه، فكيف يكون محمد هو المعلم وأنا صاحب السوبرماكت؟؟!! فصاحب السوبرماركت هو المعلّم لاغير، فأعدنا التسميات على الحواجز ، حضرتي المعلم ومحمد هو الشغيل، فنجوت ونجا من الاحتجاز والاعتقال، ولا مانع لدي بتسميتي شغيلا أو حتى صبي سوبرماركت، المهم أن أنجو من الاعتقال فذكرياتي معه سيئة، خاصة في الحادثة التي وقعت لي يوم خرجنا في مسيرة ضد اتفاقية السلام مع حزب جبهة العمل الإسلامي قبل أكثر من عشرين سنة، وكنتُ مُسْتَفِزَّا كعادتي (وسأبقى) فتحركشتُ يومها بقوات مكافحة الشغب، فأشار رئيسها لجنوده باعتقالي أمام أم طارق والأولاد، وعندما نقلوني من سيارة الشرطة إلى عربة نقل المساجين قال أحدهم للجنود وهو يشير إليّ (احترموا) فظننت أنه عرف أني مواطن صالح أو أني ابن عائلة ذات حسب ونسب أو أن طلعتي البهية أعجبته، فاستبشرت خيرا، وقبل أن أقول في نفسي "فُرِجَتْ" هجم عليَّ الجنود ضربا وترفيشا، فالاحترام كان له معنىً آخرا أدركته بعد فوات الآوان وبعد أن حُشرت تحت مقعد باص الاعتقال مُجعلكا مكبلا ، أما الآن فأنا والحكومة أصحاب ضد الكورونا، مما يعني أني الآن ضمن محور الاعتدال مما سَيُسَبّب إغاظة لجماعة المقاومة المزعومة وهو مما يسرني.
لعل من أكثر الأشياء غرابة في هذه التجربة النادرة هو معايشتك لبعض التجارب التي تحاكي مشاهد يوم القيامة مع الفارق، فترى الناس سكارى يأتونك من كل حدب وصوب يبحثون عن السجائر وما هم بسكارى، يترنحون وهم يسألون عن الدخان، لا يكاد الرجل يعدل قوامه وهو يسأل راجيا يكاد يبكي يريد سيجارة واحدة، ومع أن مَحَلَّنا لا يبيع الدخان والمعسل لا زمن الكورونا ولا قبلها، إلا أن حالة السكر أَنْسَت الناس ما يعلمون. لدرجة أنه خطر ببالي أن أعمل تسجيلا بصوتي النديّ كما أصحاب شراء الخردوات والبكبات أكرر فيه عبارة (لا يوجد دخان ... لا يوجد دخان ... لا يوجد دخان ... لا يوجد معسل).
مشهد الشوارع الفارغة والمحلات المغلقة خاصة في الفترة المسائية بعد أن أوصل السيد الشغيل (المعلم بيني وبينكم بس ما تحكو للشرطة) محمد وصفي إلى بيته في جبل النصر منطلقا من الجبيهة عائدا إلى تلاع العلي، مشهد مرعب وموحش، أما صوت صفارة الإنذار الساعة السادسة مساء النائح نوح (الساكونة) فهو يذكرك بالصيحة، أسأل الله لي ولكم النجاة يوم نسمعها في نهاية المطاف. (الساكونة: هي الجنِّيَّة التي تسكن الخرب والمغارات، كان يُخوِّفنا بها عمي عاطف رحمه الله في إربد ونحن صغار لننظب في بيوتنا، ويسميها البعض غولة سريج). وهنا يبرز السؤال الذكي: طب كيف عرفت حضرتك صوت الساكونة!؟ والله ما أنا عارف، بس أكيد صوتها هيك.
كانت الأيام الأولى للحظر بعد فتح محلات السوبرماركت مضغوطة جدا جعلتنا لا نهتم أنا والسيد الشغيل إلا بكورونا الأجساد، وأخذنا كافة الاحتياطات الصحية رغم اللأُباليّة التي يتمتع بها عدد لا بأس فيه من الشعب، فيحضرون أولادهم الصغار إلى السوبر ماركت وكأنهم في رحلة ترفيهية، وكثير منهم لا يهتم بالمعقمات والكفوف التي وضعناها لهم، والله يسترنا ويسترهم. أما حالات العوز والحاجة لقطاع كبير ممن فقد دخله في هذا الحظر فحدث ولا حرج، وكالعادة يستغل مرضى النفوس تلك الحاجة للتكسب، كالسيدة التي اشترت بمبلغ خمسة دنانير باونتي وشوكلاته ثم اعتذرت أنها لا تملك النقود لكي نسامحها، ولما رفضنا ذلك خرجت إلى باب المحل وخاطبت أحد الطيبين ليدفع عنها الحساب، فجاء مبتغيا الأجر وبيده خمسة دنانير، فقلت له أن مشترياتها عبارة عن باونتي وسنكرز وليست رزا وحليبا فأحجم كما أحجمنا.
أظهرت الكورونا الكثير من الأخلاق الحميدة لدى الناس، إلا أن هناك فئة ساقطة ظهرت أخلاقها التي كانت تتستر وراء الظروف الطبيعية ما لبثت أن كشفتها الظروف الاستثنائية، كزوج تلك السيدة التي كانت تقف على قارعة الطريق بداية شارع الإستقلال مع أطفالها الصغار الساعة السادسة والنصف تقريبا أي بعد إطلاق صوت الساكونة بنصف ساعة، وأَشارت لي في طريق عودتي بعد أن أوصلت السيد المعلم المحترم محمد وصفي إلى بيته، ورغم خوفي من الكورنا ومن الحواجز التي ستظن أني أشتغل كريم أو أوبر إلا أن النخوة والشهامة أخذتني وأوقفت المركبة سائلا عن حاجتها، فأخبرتني أنها تريد الذهاب إلى مخيم الحسين وركبت معي هي وصغارها، فسألتها عن سبب خروجها من البيت في هذا الوقت بعد إعلان الحظر والشوارع كلها خالية، ففهمت من كلامها أن زوجها طردها من البيت بعد أن ضرب ابنتها الصغيرة لأنها كَحَّتْ !!!! والله لا يحطكم مكاني، فما عدت أدري هل استمر في شهامتي ونخوتي أم أضرب البنت كفا ثانيا وأطردها من السيارة، يا إخوان ما تتشاطروا علي، البنت كحت، ويمكن يكون معها كورونا، وأنا زلمة مسكين بخاف من كورورنا الأجساد وبهرب من الساكونة، شو بدكم بطولة السالفة، قويت قلبي وكتمت نفسي وأوصلت السيدة إلى مكان قريب من بيت أهلها وتنفست الصعداء هاربا إلى البيت، فعصاية أم طارق أهون من كحة البنت.
وصلت البيت لأجد هناك كورونا العقول وقد استفحل خطرها على شبكات التواصل بعد أن انقطعت عنها لثلاثة أيام من أجل الدفاع عن قوت وأجساد الشعب المحترم، فأخرجت ما في جعبتي من مطهرات ومعقمات للقيام بواجبي نحو عقول وقلوب المؤمنين أعتذر فيها إلى ربي بمحاربة أوساخ العقول ونجاسات الأفهام.
ليث التل
31/3/2020

الجمعة، 20 مارس 2020

فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ


بسم الله والصلاة والسلام على رسول
مقالي الجديد "فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ"
سبوح قدوس رب الملائكة والروح لاإله إلا هو يعرف ما بأنفسنا ولا نعرف ما بنفسه عالم الغيب والشهادة الحي القيوم ليس كمثلك شيء وأنت العزيز الحكيم، قال لك عيسى عليه السلام يوم القيامة "إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" فقلت له " هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ".
ليس لعبد من عباد الله أن يتألى عليه، تعالى في ملكوته، حتى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يأتيه الوحي من السماء، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَصَفَتْ الرِّيحُ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ قَالَتْ وَإِذَا تَخَيَّلَتْ السَّمَاءُ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَخَرَجَ وَدَخَلَ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ "فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا" رواه مسلم، وقالت الجن " وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا".
أمام هذه الحقائق الثابته في القرآن ليس لنا أن نجزم بمراد الله وحكمته، لكننا نسدد ونقارب في فهم مراد الله ضمن النصوص الثابتة وضمن السنن الكونية، ننظر في المقدمات وننظر في العواقب، وقد ورد الكثير من الآيات والأحاديث التي كانت تربط بين عواقب ما يصيب الإنسان وبين سابق عمله، ومنها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى "وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً" كان التكذيب هوالسبب فكانت العاقبة هي الغرق، وقول رسوله "يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم" فكانت الفاحشة ونقص المكيال وومنع الزكاة ونقض العهد وترك الحكم بما أنزل الله أسبابا وكانت عواقبها الطاعون والأوبئة وجور السلطان ومنع القطر وتسليط الأعداء والبأس فيما بيننا.
هذا الكلام موجه "لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ"، أما الذين ماتت قلوبهم وعزلوا الله (وأنى لهم ذلك وحاشا له هذا السخف في الفهم) عن التصرف في خلقه وحجدوا اسمه الأعظم (القيوم) فمحل نقاشهم ليس هذا المقال، إنما مقال يناقش غير المؤمنين الجاحدين الضائعين وليس وقتهم الآن فأغلبهم والعياذ بالله "لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ".
لذا ... ونحن الآن في مواجهة هذه الجائحة العالمية لا نستطيع أن ننكر أنها عذاب وغضب من عند الله استقراء للأسباب ونظرا في العواقب، وفي المقابل فإننا غير جازمين نعتقد أن البشرية طغت وأن عموم الناس فجروا وكثير منهم كفروا، ونظرا فيما ورد في الآيات والأحاديث السابقة فإننا أمام أسباب كثيرة وسنن غلابة تحققت عواقبها "وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا".
يجب على البشرية اليوم قبل الأخذ بأسباب مواجهة هذا الابتلاء العظيم أن تخلع الكفر والشرك وأن تترك الفجور والعصيان وأن تتوب إلى الله عز وجل "فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" فإن الادعاء بأن لله ولد تهتز له السموات والأرض "تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا،أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا"، ثم بعد ذلك تأخذ بالأسباب التي لا يقلل أي عاقل الأخذ بها ومنها إغلاق مكة والمدينة والمساجد، وبعد ذلك يكون الدعاء والتضرع إلى الله واللجوء إليه.
إن الظلم قد عمَّ الكرة الأرضية ورفع المظلومون أيديهم إلى السماء، وقد حذر الله الظلمة والطغاة من هذه الدعوات حيث قال رسوله "اتَّقِ دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب". ودعا المؤمنون الموحدون المظلومون ورفعوا أكفهم إلى السماء في فلسطين وسوريا والعراق وأفغانستان والإيغور والروهينغا وغيرها من البلاد كثير موقنين بالإجابة جاهلين بالكيفية والتوقيت، هل سيجيب الله دعاءهم في الدنيا أم يدخره لهم في الآخرة، وحاروا في الكيفية:
كيف سيبطل الله قوة طائرات أمريكا فوقهم، وهو فوق الطائرات وهو ربها ؟
كيف ستنسحب مليشيات إيران المجرمة وقد جاءت من كل حدب وصوب تقتلهم في سوريا والعراق؟
كيف ستنسحب القوات الروسية المحتلة لبلادنا وهي متمكنة في كل زاوية وركن من سوريا؟
كيف سيخرج ألآلاف من السجون وقد أحاط بهم الطغاة من كل جانب؟
كيف ستنهار الرأسمالية العالمية وكيف ستتحرر الشعوب من ربقة الشركات العابرة للقارات؟
كيف ستكف الأمم الغالبة عن سرقة ثروات الشعوب المغلوبة؟
كيف ستتحرر الشعوب العربية والإسلامية من أنظمة العمالة والخيانة؟
كيف ستنهار الأفكار الليبرالية والإشتراكية والديمقراطية التي ألَّهت الشعب من دون الله وحاربت الإسلام؟
كيف سَتُغلق البارات والأندية الليلة وبيوت الدعارة المشرعة أبوابها في العالم الإسلامي؟
كيف وكيف وألف كيف ؟
لو طُلب من كبار كتبة السيناريوهات الخيالية والمستقبلية لكتابة سيناريو يُجيب فيه الله دعاء المظلومين لحارت عقولهم وعجزت مخيلاتهم عن إيجاد ذلك السيناريو، وربما، وإكررها عشرات المرات، ربما يكون ما حدث من جائحة كورونا هو إجابة لدعاء هؤلاء:
ففايروس لا يرى بالعين المجردة ربما يكون هو السيناريو المرعب الذي سيصيب الذين ظلموا والذين أيدوا والذين سكتوا "وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً".
فربما يضطر كورونا الدول المستعمرة لسحب جيوشها من بلادنا لضبط حالة الإنفلات الأمني التي بدأت تطل بقرنها في دولهم، فأمريكا – على سبيل المثال لا الحصر - التي لم يعد في متاجر سلاحها أي طلقة وباعت في اسبوع واحد 2.4 مليون قطعة سلاح، ربما تضطر لإعادة جنودها لحفظ الأمن على أراضيها، كما فعلت بريطانيا البارحة وسحب جزءا من جنودها من المنطقة.
وربما تضطر إيران لسحب ميليشياتها المجرمة لتقوم بمهة حرق ودفن جثث قتلى كورونا الذين لا يزالون يتبركون بالأضرحة ويتحدون الفايروس بغباء منقطع النظير، ومواجهة ما سيكون ربما أسوء موت أسود في تاريخ إيران.
وربما تنهار الأسواق العالمية وتتدمر الشركات العملاقة في مواجهة الركود غير المسبوق الذي بدأ حاليا ويتنبأ له الخبراء أنه سيكون أسوء أزمة اقتصادية تشهدها البشرية.
وربما يخرج الطغاة كل المساجين خوفا من الفوضى والتمرد الذي سيحصل في السجون.
وربما تصبح النوادي الليلة وبيوت الدعارة خرابا يبابا خوفا من كورونا.
وربما تنشغل إسرائيل بنفسها فاتحة بذلك فسحة لمشروع تحرير حقيقي يحرر القدس من دنسهم ورجسهم.
وربما تتوقف كل حركة الطائرات الحربية من فوق رؤوس المجاهدين في كل مكان، لا بصواريخ سام ولا بمضادات الطائرات بل بفايروس لا يرى بالعين المجردة.
ربما وربما وألف ربما.
وإن لم تتدارك الأمة نفسها وتعود لربها وتأخذ بأسباب الغلبة فلربما هلكت مع الهالكين، وإن بقيت الأمة تستهر بهذا الذي أصاب العالم، كحال الممثلة المصرية التي قالت "نحن الذين سنجيب للكورونا كورونا" أو كالراقصة التونسية الخليعة التي تقدم يوميا على الفيس بوك "رقصة الكورونا" للمشاهدين في بيوتهم، أو كما يفعل بعض الأردنيين في نوادي وملاهي فنادق العبدلي، أو كما يفعل بعض الشيوخ الأدعياء ويتألون على الله ويزعمون أن ما يحصل ليس بغضب ولا عذاب، وكأنه عندهم كتاب من الله بذلك، بدل أن يُذكروا الناس بقوله تعالى "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"، أو كما يستهزئ العلمانيون ويدعون أن بناء المستشفيات أولى من بناء المساجد، وهم لا يعلمون أن هذا الفايروس يستطيع بإذن الله أن يسبب انهيارا كاملا لكل النظام الصحي في العالم إن لم يكف الله شره عنا.
وكما وكما وألف كما.
اللهم اصرف عنا شر هذه الجائحة وارحم الناس والبشر وردهم إلى دينك ردا جميلا وارحمنا برحمتك والطف بنا فلا قبل لنا ولا لمنظمة الصحة العالمية ولا للدول العظمى ولا الصغرى بهذا الفايروس الصغير الذي لا يرى حتى بالعين المجردة، اللهم لا تجعلنا كمن قلت فيهم "فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ،لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ"
اللهم إنه فايروس من خلقك وأنت ربه وخالقه وأنت أرحم بنا من أنفسنا، وإنه آية من آياتك وأنت العزيز الجبار الحي القيوم فتجاوز عنا فقد شخصت أبصار الصالحين وأقروا بضعفهم وبذلوا وسعهم فانصرهم يا رب بنصرك الذي وعدت، وأنت القائل
"إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ"
فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ
ليث التل
20/3/2020

الاثنين، 16 مارس 2020

كورونا ودول الأردنيين المستقلة

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
كورونا ودول الأردنيين المستقلة
أنا من أكثر الناس معارضة للحكومة وسجنت لذلك عدة مرات، والسبب في ذلك قناعتي الراسخة أننا كمسلمين لا يصح ولا يصلح لنا إلا الإسلام، وكل الأفكار  الوافدة علينا من الغرب أو من الشرق ليبرالية كانت أم اشتراكية ما هي إلا زبالة أفكار البشر  أورثت الأرض وسكانها الشقاء والضنك والظلم والمصائب "وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم" و "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" وما تعانيه البشرية الآن من الجوائح والظلم والفساد إلا بسبب بعدها عن منهج الله، لا كما يقول الذين لا يؤمنون بأن الله عادل حكيم ويتهمون القدر أنه سبب بلاء البشر "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" ولعل من أهم أسباب زوال البلاء عنا هو العودة إلى الله والتضرع إليه وخلع الكفر  وترك المعاصي والتوبة ثم الأخذ بالأسباب المادية ويتبع ذلك الدعاء بزوال الإبتلاء.
ومقالي هنا تحديدا يتعلق بالأخذ بالأسباب، وما هذه المقدمة إلا لإغلاق باب المزاودة بشأن الموقف من قرارات الحكومة المتعلقة بمكافحة فايروس كورونا.
فقد أثبتت التجارب أننا كشعب أردني وإن كنا نتميز كعموم سكان بلاد الشام بالنزعة القيادية لا الجندية، وتلك كانت وصية عمر بن الخطاب لقادة الفتح في الشام والعراق ومصر أن يتخذوا القادة من الشام لا من مصر، إلا أننا عندما تركنا ديننا أصبح كل واحد منا دولة مستقلة بذاته وأفضل وصف قد يصلح لحال الكثيرين وليس الكل هو وصف (أبو العُرّيف) فنحن نفهم بالاقتصاد والتجارة والهندسة وعلم الفلك والميكانيك والسياسة وبالدين والشريعة ونفتي بالدين وآخر مظاهر دُوَلُ الأردنيين المستقلة هي دولة الطب والأوبئة المستقلة القابعة بداخل كل واحد فينا، نفهم أكثر من الأطباء ومن المتخصصين، بعضنا يقتنع أنها مؤامرة كونية ضد الإسلام والمسلمين وآخر لا يرى فيها خطورة، ومنهم من غره شبابه وقوته وتناسى أنه ربما يكون ناقلا للفايروس يقتل به أباه أو أمه.
استهتار عام من قبل الكثيرين، شباب لا زالوا يسهرون لوجه الصبح وأطفال يتقافزون في أحضان أجدادهم، ومتنطعون لم نسمع لهم أي إنكار على الحكومات يوم ارتكبت كل شيء ابتداء بما يمس التوحيد والعقيدة وانتهاء بالأخلاق والمعاصي مرورا بالخيانات والعمالة ثم دبَّ فيهم الدين مرة واحدة وخالفوا وتحدوا قرارات الحكومات بمنع الصلاة في المساجد في أنانية مفرطة يكونون فيها سببا في نقل الفايروس للمئات وما حادثة جماعة الدعوة والتبليغ عنا ببعيد يوم تسبب لقاء عام لها في مسجد في كوالالمبور بنقل الكورونا لما يقارب 250 مصلي من أصل 500 مصاب في كل ماليزيا، ومترفون يهربون من الحجر الصحي بسبب خدمات الفندقة التي لا تليق بمقامهم السامي ثم تأتي قناة رؤيا وتعتبرهم أبطالا أردنيين، وعائدون من بريطانيا يحتجون على الحجر الصحي بفنادق ٥ نجوم وواسطات ذات اليمين وذات الشمال.
استهتار وواسطات ودول مستقلة
وكل عام ودول الأردنيين المستقلة بخير
وسلامتكم من كورونا
ملاحظة : المقال خاص ب(الدول المستقلة) لا بعموم الشعب الملتزم بالتعليمات
ليث التل 
16/3/2020

الأربعاء، 11 مارس 2020

فلفول صديق الجميع

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
فلفول صديق الجميع
فلفول هو الذي يظهر بالصورة المرفقة، وهو شخصية لطيفة ومحببة، أثار مؤخرا جدلا واسعا في أوساط المثقفين والكتاب، فقد تناولته الأقلام وسرحت به المُخيّلات ذات اليمن وذات الشمال، وقد اكتشفنا أنا وأم طارق من خلاله أن ابنتي فاطمة (التاسع "ج") تمتلك موهبة أدبية واعدة كانت سببا في إثارة الخلاف من جديد بيني وبين زوجتي بعد هدنة قصيرة على أثر مقالي (رجولة النسوية) الذي تكلمت فيه عن أوجه استخدم النسويات لعصاية القشاطة.
ملاحظة: (فلفول هو الشخص على يسار الصورة وليس على يمينها، ما تفضحونا مع ابني طارق الله يرضى عليكم، فقد تزوج حديثا وسافر بعيدا وأصبح زميلا بعد أن كان ابنا وبدناش نخربها معه)
كان محور الخلاف بيني وبين أم طارق (لبنى العقاد) يدور حول مواهب ابنتي الأدبية في المقال الذي كَتَبَتْهُ تحت عنوان "آه لو تدري" وكان مما قالت فيه: " ... وأخذت دموعي تتساقط على وجنتيّ فسألني فلفول: لما هذه الدموع؟ فقلت آه يا فلفول لو تدري كم أفتقده، أفتقد حنانه، واهتمامه بي،وسؤاله الدائم عني، فهو أقرب إخوتي - أي طارق - إلى نفسي، يصغي إليّ إذا تحدثت، ويربت على كتفي إذا تعثرت، ويغض الطرف عني إذا أخطأت ....". هل هذه المواهب موروثة عن آل التل أم عن آل العقاد ؟ 
أخذ كل واحد منا يفتخر بآبائه وأجداده الأدباء، افتخرت عليها أدبيا بمصطفى وهبي التل (عرار) فافتخرت عليّ بعباس محمود العقاد، بصراحة كَسْرَتْ عيني، بس أن بعرفها دايما بتلف وبدور معي، فذهبت إلى العم جوجل وسألته عن عباس محمود العقاد المصري فأجابني أن ليس له علاقة بعائلة العقاد الفلسطينية ذات الأصول اليافاويّة، لم تستلم كعادتها وأصبحت تفتخر عليّ بأن معدلها في الثانوية العامة أعلى من معدلي وأن لغتها العربية أقوى من لغتي وهي محقة بذلك، لكنها مع ذلك لم تُؤلف أي رواية واكتفت ببعض الخواطر (بيني وبينكم فقد سَرَقْتُ من خواطرها ما مجموعه ست صفحات ووضعتها في روايتي آخر الرجم ذات ال 272 صفحة، وكانتْ كلما قَرَأَتْ الرواية ومرّت على كلماتها المسروقة تتساءل " هذا الكلام مش غريب عليّ" وأنا أتلون بالأصفر والأحمر، وأعمل حالي مش سامع عندما تسأل عن دفتر خواطرها الذي خبأته في مكتبي بالعمل حتى لا تطالبني بجزء من حقوقها  بالنشر، استروا علينا الله يستر علكم) المهم بززتها بأني كاتب روايات ومقالات وهي ليس لها أي نتاج أدبي منشور، وأنّ فاطمة ورثت هذا الأدب عن آل التل وليس عن آل العقاد.
فاطمة كعادتها تقف بالمنتصف بيني وبين أمها، فقد أجابت معلمة اللغة العربية التي أعطت طالبات صفها نفس (الفلفول) بشحمه ولحمه ومايكروباته وفايروساته(إن شاء الله ما يكون في كورونا)، يتداولنه فيما بينهن لتكتب كل واحدة عنه موضوعا إنشائيا، فكتبت فاطمة عن مشاعرها وبثت أحزانها لفراق أخيها طارق لفلفول صديق الجميع، ومع أن فكرة المعلمة بديعة تحفز الطالبات وتخرج أحسن ما عندهن من أدب فيصبحن أديبات (لا نَوَرِيَّات مطلعين الشيب في رؤوس أمهاتهن)، إلا أن فلفولا واحدا لا يكفي وكان الأولى شراء فلافيل كثيرة وتوزيعها على الطالبات، فالصغار بهذا العمر أو أصغر قليلا يحبون صحبة الفلافيل والألعاب والكراكيب، فدائما ما تجد في حقائب المدرسة رأس لعبة مقطوع أو يد عروس مسلوخة ودبدوبا مقلعطا أو قطع ليجو متفرقة ... إلخ.
ضيعنا فلفول وين رحنا ؟؟  المهم فقد كانت إجابة فاطمة للمعلمة أن هذه المواهب (عَقَّاديَّة) كحل وسط حتى ما تزعل أمها، أما رواية آخر الرجم وكاتبها فالله لا يردهم.
ومع أني مدحت حب الأباء للبنات في روايتي حيث قلت "  كان التقاء شقَّيها محتوماً، فَكانت بُشرى حياته، نُسِجَ بعثها مُذ قال الودود الرحيم : "أَلست بربكم"، غَنَّت الورودُ لِقدومها، وعَطَّرت الأجواءَ أنفاسُها،  كانت منه بِمثابة الروح  من الجسد، وكان منها بِمثابة الشجر إلى الظل، وهل لِلروح  مستقرٌّ إلّم تطف بِجسدها ؟ وهل للأنام مُستظلٌ من كَدِّ الحياة إنْ فارق ظل الشمس شجرها ؟" ولكن كما يقول المثل:
"طب الجرة على ثمها بتطلع البنت لأمها"
بصراحة وبعد التجربة نحن الرجال  ليس لنا إلا صديق الطفولة سنان الذي قِيل فيه:
"سنان يا سنان يا خير الأصدقاء في ساحة الحلوين"
وسلامتكم
آه نسيت، هناك صديق علق اليوم على بوست كتبته عن بوتين وأردوغان وقال لي (قل موتوا بغيظكم)، بس مش عارف قصده أموت بغيظي من أردوغان أم من بوتين لأنه أنا من جماعة ماوكلي فتى الأدغال وسنان هذه الأيام وما إلي دخل بساندي بيل وكلبها أوليفر.
ليث التل
11/3/2020