"نيّال مين جمّع راسين على مخدة"
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
ملاحظة: هذا المقال يخلو من شتم محور المقاومة وفضح من بدّل وغيّر من شيوخ العار.
أما بعد
ابن أختي شاب محترم وخلوق ومهندس (قد الدنيا) عنده من صفات الرجولة والشهامة ما يفتقده الكثير من شباب هذه الأيام، مشكلته الوحيدة أنه أضاع جواز سفره في الرياض لمدة خمس دقائق فقط، قام أثناءها فاعل خير بتصوير جواز السفر ورفعه على وسائل التواصل الإجتماعي حتى يصل إلى صاحبه، عاد ابن أختي وأخذ جوازه، وظن المسكين أن السالفة (الحكاية) انتهت.
أما حضرتي (خال الولد) فقد وصلتني رسالة (الأولى وليست الأخيرة) على صلاة الفجر من بعض الأصدقاء فيها صورة جواز سفر ابن أختي مع معلومة تفيد أن الجواز ضائع وقد وجده فاعل خير، فقمت وبكل شهامة بالاتصال بأختي الكبرى (رغم أنها كانت تضربني وأنا صغير بحجة مساعدة أمي في تربيتي، مش قلتلكم إنه البسة بتاكل عشاي) وأخبرتها بكل وَجَلٍ أني وجدت جواز سفر ابنها وطالبتها بالبشرى، فردت عليّ قائلة : خيبة تخيبك، أي بشرى، أنت الشخص رقم 586425 الذي يتصل بنا ويخبرنا أنه وجد الجواز وقد أتتنا إتصالات من البرازيل وأمريكا وبلاد واق الواق تخبرنا بذلك، علما أن الجواز ضاع قبل ثلاثة أيام ولمدة خمس دقائق فقط، فلم تزبط معي كالعادة.
وهذا تمام الذي حدث مع مواطن (مُسَخَّمْ) أُغمي عليه وهو يشتري الدواء من صيدلية قبل عدة أيام، فقام فاعل خير بتصويره على الفور مع موعظة دينية عن الموت تحت عنوان (مواطن أردني يموت بعد شراء الدواء) ولا زال المسكين يقنع الناس لغاية هذه اللحظة أنه حي يرزق، فاقترح عليه البعض أن يُصدّر (شهادة حياة) من دائرة الأحوال المدنية حتى يقنع الناس والورثة، ومع أن تصوير والدي رحمه الله وهو مُسَجّى في الروضة الشريفة وقد أسلم روحه هناك إلى باريها، ومشاهدة الملايين للفيديو جعل من موته قصة تكلمت بها الأمة الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها وكانت فيها عبرة وعظة، وتنزلت عليه الرحمات بسببها من كل حدب وصوب، وقد رآها بعضنا على شكل رؤيا تنهمر فيها الأمطار غزيرة عليه رحمه الله رحمة واسعة، إلا أن هذا السلوك سلاح ذو حدين، فحادثة اللانسر (تصوير حالة زنا في الشارع العام) كانت طامة بكل المستويات، أقل ما يقال فيمن صوّر الحادثة أنه عديم الأخلاق والمروءة، وربما كان حدّه في الشرع الجلد، ورغم أن الحادثة كارثية تدل على الحال البائس الذي وصلنا إليه، نمارس الجنس في الشارع كالحيوانات والحمير، مصداقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي اعتبرها من علامات الساعة ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا أن خصوصيتنا أُصيبت في مقتل.
افتقدنا الخصوصية في كل مكان، هناك من يصور في الشارع وفي المحاضرة وفي البيت وفي العزائم وفي الحفلات، وأصبحنا نخشى أن نتكلم بأي كلام ونتحرك أي حركة لأن هناك من يترصد لنا بكاميرا الهاتف ينتظر منا أي هفوة هنا أو كلمة هناك، ومقارنة بأيام الجامعة يوم كانت أزعم وسيلة توثيق عندنا هي كاميرا بحجم (الجحش) مقارنة بحجمها الآن، فإن الخصوصية أصبحت من التراث الغابر المندثر.
أذكر ونحن طلاب في كلية الهندسة أننا قررنا تشكيل لجنة أمنية تابعة للإتجاه الإسلامي، فكانت أصغر كاميرا حصلنا عليها هي بحجم فلم تصوير 24 صورة على شكل اسطوانتين صغريتين يمكن إخفاؤها بين اليدين مجتمعتين، وبما أننا حصلنا عليها كان لابد لنا من إستخدامها، فكان أول وآخر عمل أمنّي لنا هو التجسس على محاضرة عامة نظمها الإتجاه اليساري في الجامعة الأردنية، طبعا مش عارف ليش قررنا التجسس على محاضرة عامة، يمكن لأننا كإتجاه إسلامي كنا نسيطر على 90% من العمل الطلابي وأي محاضرة من غيرنا كانت تتطلب حركة أمنية ترصد هذا التطاول، كانت المحاضرة لدكتور علم الاجتماع والفلسفة سري ناصر في المدرج الأوسط في كلية الهندسة، ذهبت أنا (حضرتي) وعضو اللجنة الأمنية المختص باستخدام الكاميرا للتجسس على المحاضرة، تمكن بصعوبة من إخفاء الكاميرا بين يديه بعد أن جمعهما تحت ذقنه على طريقة بوذا في التأمل والعبادة، والتقط صورا للمحاضر والمحاضرة ولم نستطيع تهريب الكاميرا من المحاضرة إلا بعد اللغط الذي حدث بها بعد أن طرح الدكتور سري ناصر فكره (النسويّ) وقال أنه لا فرق هناك بين الذكر والأنثى، وأن الفروقات الفسيلوجية بينهما سببها التنشئة، ولو تمت تربيتهما تربية متساوية في الصغر فإن الرجل بإمكانه أن يحمل ويلد كما الأنثى، طبعا قامت الدنيا ولم تقعد على المحاضر من قبل الجمهور اليساري الذي احتج على سخافة الطرح بينما كنا نحن مشغولين بتوثيق الكلام بالصورة.
شو بدنا بطولة السالفة، فإني أرجو ممن وجد جواز سفر ابن أختي أن يقوم بالإتصال على الأرقام التالية وله مكافأة مجزية: تلفون خال الولد (حضرتي)، تلفون أم الولد (أختي التي كانت تضربني)أو يمكن الإتصال على تلفونات خالاته أو عماته، أو يمكن إرسال واتس أب أو رسالة على الماسنجر، وبالنسبة لكبار السن يمكنهم إرسال فاكس أو بريد مكتوب على صندوق بريد ص.ب 72514 رمز بريدي 111125، ولمن فاته القطار من الختيارية يمكنه إرسال تلكس، أما من عفا عليه الزمن فيمكنه استخدام التلغراف، ولمن كان من العصر الحجري فإننا على أتم استعداد لإستقبال الحمام الزاجل.
بصراحة يا إخوان (بيني وبينكم) لا أخفيكم فالموضوع ضروري جدا، لأننا ذهبنا البارحة في جاهة ابن أختي، وقد استقبلنا الجماعة استقبالا حافلا وبعد أن طلبنا يد ابنتهم قال لنا والدها: أنتم جماعة محترمين ولا يُردّ لكم طلب ولكن لازم نسأل عن الشاب، يعني الشغلة مش مزحة،فقلنا لهم من حقكم ذلك ولكننا نخاف أن تطير البنت من بين أيدينا، فكم من الوقت يلزم حتى تردوا لنا الخبر، فأجاب والدها : خمس دقائق ثم إلتفت لابنه (الفلعوص) قائلا : هات اللاب توب يا ولد وافتح الفيس بوك، طبعا نحنا حطينا أيدينا على قلوبنا، ففي زمن البيانات الضخمة (BIG DATA) أصبح الفيس بوك فضيحة، واللايك الواحد (بوديك بستين داهية) ، خفنا أن يكون ابن أختي عامل عملة، أو حاطط لايك لحماة أم البنت مثلا ، فالجماعة يرفضوا دون إبداء الأسباب، وبعد انتظار طويل لمدة خمس دقائق قال أبو البنت موجها كلامه لابن أختي:
والله يا عمي إنت زلمة محترم ونحن سألنا عنك وما عندنا أي مشكلة وما بتفرق معنا إنك مع محور المقاومة أو مع محور الاعتدال فكلهم في الهم شرق، بس في شغلة واحدة، البنت قرأت على الفيس إنك مضيع جواز سفرك وهي خايفة إنه الرسائل والمسجات تبقى تلاحقك لولد الولد، فلازم تحضر لنا جواز سفرك لو سمحت.
فأرجوكم يا إخوان الموضوع مهم وكما يقول المثل :
"نيّال مين جمّع راسين على مخدة"
ليث التل
10/1/2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق