لم يغمض جفني بعد وهدير نفسي التواقة إلى باريها أقض مضجعي فربما كلماتي جارحة لكن أحسب فيها حبا ورحمة

الجمعة، 17 نوفمبر 2017

عِجل صويلح المُقَدَّس


عِجل صويلح المُقَدَّس



تفاجأتُ به يفتحُ البابَ يلبس نفس بدلة الرياضة التي ألبسها، تبادلنا ابتسامات تحمل في طياتها المثل الشعبي (دافنينو سو). سَلَّمْتُ الأمانة لِعَدِيلي ومضيت إلى زوجتي التي أصرت أن التشابه في بدلات الرياضة هو محض صدفة، ربما يكون مردها جينات مشتركة بينها وبين أختها جعلتها تشتري لزوجها نفس ما اشترت هي لي، وأقسمتْ أيمانا مغلظة أن ليست هناك مؤامرة كونية  ضد النسايب وراءها آل العقاد، متناسية أن عَدِيْلَيَّ حضرا ذات مساء عشاء عمل في السعودية - دون تنسيق مسبق - كل يُمثل شركة مختلفة ... بنفس القميص، وأن أطقم الطربيزات وأطقم الكاسات والفناجين هي نفسها عند كل العدايل.
اجتمعنا ذات يوم (العدايل الأربعة) وقررنا التمرد بعد  اكتشافنا - المتأخر -  أننا مُسَيَّرون من حيث لا ندري، وأن بُطُوننا أُشربت من نفس العجل الذي تبيعه ملحمة المدينة في صويلح، حيث كان يقطن حماي رحمه الله رحمة واسعة ... وهاي وجه الضيف، ذهب ربيع ثورتنا أدراج الرياح، ولا زلنا لغاية هذه اللحظة نضرب أكباد الإبل مرة في الشهر إلى صويلح حيث ملحمة المدينة لشراء لحم عجلها الذي لم تلد البقر مثله حسب زعم آل العقاد الكرام.
هل هي العادة أم القابلية للاستعمار - حسب مالك بن نبي - التي تجعل الإنسان أسير نمط معين من السلوك وطرق التفكير، حتى لو تَبَيَّنَ له ما هو أفضل ؟! وهل جاءت الرسالات السماوية لتحرير الإنسان من رق العبودية ووهم الموروث أم للدروشة والعبث ؟! وهل هي وسط أم أنها جنحت نحو الروح كما النصارى أم جنحت إلى الجسد كاليهود ؟

كان من أكثر ما أثار استغرابي وأنا أتابع برنامجا عن الدماغ البشري على قناة ديسكفري ساينس، أن فص الدماغ المسؤول عن الماديات هو الذي يَتَنَشَّط عند اليهودي أثناء العبادة بخلاف النصراني الذي يتنشط عنده فص الروحانيات، وقد علق مقدم البرنامج على ذلك بقوله إن اليهودي يتخيل جسما ماديا أمامه وهو يتعبد.

 إذا هي المادية وقابلية الاستعمار عند اليهود التي جعلتهم يعبدون العجل بمجرد غياب موسى عليه السلام عنهم، ثُم "أشربوا في قلوبهم العجل" بعد ذلك وأصبحوا كائنات مادية بحتة، لم يؤمنوا - من قبل - عندما أخبرهم موسى عليه السلام أن فرعون غرق إلى أن أخرجه الله لهم جثة على سطح البحر فرأوه بأعينهم "فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً"، ولم يؤمنوا - من بعد - أن الله سينصرهم عندما قال لهم موسى " ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ " وقالوا له " ... اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ".

 

إن تكرار ذكر بني إسرائيل في القرآن لم يأت عبثا، إنما هو لتذكير أمة محمد صلى الله عليه وسلم وتحذيرهم من السير في نفس الطريق المغرقة في المادية، والتي أخبرنا الذي لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام أننا سندخل نفس جحرهم كما ورد في البخاري "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ, قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى, قَالَ: فَمَنْ؟"

مادية مدقعة تجتاح تيارا عريضا من أمة محمد، أصبحنا فيها على طرفي نقيض بين من يركن إلى الروحانيات والأحلام وعدم الأخذ بالأسباب من طرف وبين من أصبح لا يختلف عن بني إسرائيل في ماديتهم إلا بالاسم.

وقد سمىّ الله عز وجل أكبر سورة في القرآن باسم (البقرة) حتى يذكر أمة محمد أن هذه الحالة المفرطة من المادية لا حل لها إلا بذبح بقرة، وأنه لم يُجب طلب بني إسرائيل من نبيهم معرفة القاتل عن طريق الخبر المباشر، إنما عمد إلى أسلوب مادي بحت يقتضي ذبح بقرة - يخيل إليك للوهلة الأولى أنه غير منطقي - وضربْ الميت بعظامها،

فكان دواؤهم بالتي كانت هي الداء

فيا أمة محمد

 " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً "

فاذبحوها

 وأخرجوا من قلوبكم عجل المادية

ومن جهتي ... فإني شادُّ الرحال إلى صويلح

معلنا الثورة

وسأذبح هناك عجلها المقدس ... حيث ملحمة المدينة

 وأجلب لحمه للبيت حسب تعليمات أم طارق وآل العقاد حفظهم الله.

 

17/11/2017


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق