لم يغمض جفني بعد وهدير نفسي التواقة إلى باريها أقض مضجعي فربما كلماتي جارحة لكن أحسب فيها حبا ورحمة

الخميس، 20 فبراير 2020

معتزلة جدد

المسلم هو أفضل من أعمل العقل فآمن والتزم بالنص المحكم وكلام الرسول بعد التفكر والتدبر والإيمان بعظمة الخالق المبدع المشرع الحكيم، فأقام حضارة حكمت نصف العالم بالتوحيد والعدل والعلم والرخاء، وأدعياء استخدام العقل من المعتزلة وأذنابهم اليوم لا حضارة أقاموا ولا عقلا أعملوا إلا في التهرب من السنة التي تضبط انفلات شهواتهم وارتكاس عقولهم في تكذيب الله الذي أرسل رسوله الذي لا ينطق عن الهوى بالهدى والبينات، تحت ذرائع شتى من تطور الزمن وتطور الفهم واختلافه وتطور اللغة وغيره لعدم إيمانهم أن الشرع يصلح لكل زمان ومكان، وسيلتهم في ذلك معسول الكلام ودغدغة العواطف واستغلال حب الرعاع للعقلاء والمفكرين، فكذبوا الأحاديث فضلوا وأضلوا.
أسفه الناس عقولا وأقلهم فهما ليس لهم من التاريخ إلا مزابله ومن الناس إلا لعناتهم

الجمعة، 14 فبراير 2020

فالنتاين وكنادر

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
فالنتاين وكنادر
ملاحظة: القصص الواردة في هذا المقال حقيقية (مع شوية بهارات).
استيقظت اليوم على صوت أم طارق في المطبخ وهي تغني لأم كلثوم "حب إيه اللي أنت جاي تقول عليه" فقلت في نفسي الحمد لله هذه أم طارق لم تنس عيد الحب (الفالنتاين) وأصبحت تُغني لي على وجه الصبح، فلملمت حالي وذهبت إلى المطبخ والابتسامة تعلو مُحياي البهيّ، فقالت لي: ما بك تضحك على الصبح؟ فأجبت مرتبكا: ألستِ تغنين لي !؟ فأجابت بالنفي: بل أُغني لابني الحبيب عماد الدين. فعلا الواحد ليس له إلا أمه، فأمي هي الوحيدة التي تذكرتني وأهدتني خلوي جديد قبل عدة أيام عندما وقع مني جهازي للمرة العاشرة بعد المئة  وتَطَبَّش. فقلتُ لأم طارق مستنكرا: ألستِ كنت تُحبيني من أيام الجامعة؟ فقالت لا. فقلت لها: وكيف رضيتِ بي ولماذا وافقتِ عليّ؟ 
فقالت: من كندرتك!!!
أصل القصة أن أم طارق كانت تقيَّة جدا أيام الجامعة وكانت تغض بصرها ولا تنظر إلى الشباب أبدا، ورغم أني كنتُ مشهورا من خلال عملي في اتحاد الطلبة بين الطلاب والطالبات اللواتي كنَّ يُلقبنني ب (لِوِي) كما عَلِمْتُ من أم طارق لاحقا، إلا أنها كانت لا تنظر إليَّ ولا إلى غيري من الشباب، حتى أني تراهنت مع أحدهم أنه لو جاء أحد الطلاب إلى كلية الهندسة على حمار فهل ستنظر  لبنى العقاد (أم طارق) إلى وجهه أم ستكتفي بالنظر إلى كندرته كعادتها ؟؟ طبعا نحن كنا شيوخ (ولا زلنا) في الجامعة ونعمل بنشاط مع الاتجاه الإسلامي، بس الموضوع  لا يخلو من شوية لف ودوران وكلام عن الطالبات خاصة ونحن على أبواب التخرج وبدأنا في رحلة البحث عن زوجات صالحات، بخلاف أم طارق التي اكتفت بالنظر إلى الأحذية، ويبدو أنها وافقت عليّ يوم تقدمت لخطبتها بعد أن اجْتَزْتُ عتبة الحذاء الأسود اللامع، ثم بعد ذلك نظرتْ إلى نسبي وحسبي وديني، فلا تستخفوا بالكنادر  والأحذية ايها الشباب فهي أساسية في رحلة البحث والمعاينة.
حضرتي المُتيَّم الولهان عندما قررت أن أكتب عن عيد الحب، وتخفيفا عن محور المقاومة الذي أزعجته بكثرة شغبي عليه وعَطَّلْتُهُ عن مشروع التحرير، ومراعاة لأعدائي الجدد (النسوية المتطرفة) وأخذا بالنصيحة القائلة: عندما تأتيك فكرة اكتبها في هاتفك أو دفترك فهي أنثى وقد تنساك في أي وقت كما فعلت بي أم طارق وتغزلت بعماد وتركتني وحيدا صباح الفالنتاين، فكتبت ملاحظاتي وأفكاري وكعادتي فكرت باستفزاز النسويات بإضافة تاء التأنيث لجملة (عيد الحب) ليصبح (عيدة الحب) أو (عيد الحبة) بصفتهنَّ حساسات جدا لتاء التأنيث هذه الأيام، بس شايفها مش زابطة وخيرها بغيرها، فخلينا بالكنادر أحسن.
ذهبت ذات يوم إلى صلاة المسجد متأخرا وكانت الكنادر كثيرة على باب المسجد، صليت الظهر ملحوقا بالإمام لأُنهي صلاتي على صوت المصلين على باب المسجد يشكون سرقة كنادرهم، فقلت في نفسي لا بد أن يكون الحرامي قريبا من المسجد، فالكنادر فُقدت بعد دخولي المسجد بقليل، فقررت أعمل فيها (المحقق كونان)، وتركت المصلين يندبون حظهم على باب المسجد وركبت سيارتي باحثا عن لص الكنادر، وأثناء بحثي لفت انتباهي شاب يقف على الرصيف بجانب موقف الباص وبجانبه كيس أسود كبير بحجم الشوال، فأدركت أنه هو هدفي المنشود الذي من خلاله سأُعيدُ للعُزَّاب من المصلين كنادرهم التي سيسيرون بها يوما ما إلى حتفهم البائس المحتوم عند بيوت أنسبائهم، أوقفت السيارة أمام الشاب فهرب سريعا تاركا الكيس الأسود على الرصيف، فأصبحت بين خيارين أحلهما مر، هل ألحق بالحرامي أم آخذ الكنادر؟  حسمت أمري ولحقت به، وكدت أن أُلقي القبض عليه لولا أنه اختفى بين البيوت والعمارات، فعدت إلى موقف الباص لأجد الكنادر على حالها، أخذت غنيمة الحرب تلك وعدت بها إلى المسجد، فلم أجد إلا الإمام، فأعطيته إياها منتظرا كلمة شكر هنا أو نظرة إعجاب هناك، فقال لي: جهدك على الفاضي، فالمصلين غادروا و90% منهم عابرو طريق لا يعودون للمسجد مرة ثانية، إذا بِدّكْ خذ الكنادر وبَسِّطْ فيها بسوق الحرامية وسط البلد وتبرع بثمنها للمسجد، أو خذلك كندرة كتذكرة لبطولاتك ومغامراتك. والله لا يرد الصبايا إذا بدهم يرفضوا الشباب عشان كنادرهم، وماذا كان ينقص (بشر الحافي) ألم يكن من خيرة الناس علما وزهدا رغم أنه كان حافيا.
التفت إلي ابني عماد وأنا أكتب المقال  وعيني تدمع متأثرا بكلام الشيخ فقال لي: كأنه مقال مودع يا أبي فأوصنا.
فقلت: الكنادر الكنادر يا شباب، فرب كندرة سوداء فاخرة تقربك من شريكة حياتك المستقبلية أكثر من وردة قسيس زانٍ حمراء، و
دع ذكر ليلى و الخدودِ الناضرة     وقوام ريا والجفون الفاترة
أوليس عاراً أن تموت متيّماً     في حب أنثى والمعارك دائرة
وإنما يجاهد المجاهدون يا بُني حبا لله ولرسوله ثم حبا لأهلهم وأوطانهم وزوجاتهم وأطفالهم 
وذاك وربي هو الحب
14/2/2020
الصورة مأخوذة من صفحة الفاضل محمد عبد النبي
ليث التل