بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
قررت فجأة أن أصير من جماعة (الخُضر) نسبة للبيئة، وليس نسبة لصاحب موسى عليه الصلاة والسلام، مع أنه يشرفتي ويشرف كل مؤمن أن يكون من جماعة الصالحين والأولياء، مع الأخذ بعين الاعتبار الحذر من الصوفيين الذين يتمسحون بالخضر عليه السلام، هو سعى في الأرض يحقق مطلب الله منه، وهم جلسوا يرقصون متواكلين يأتيهم رزقهم إلى (الحضرة) صدقة ومنّة، استطراد لا بد منه حتى أخفف الضغط عن جهات معينة تتهمني أني ضدهم على طول الخط، والحقيقة هي أني ضدهم على طول الخط (مش زي ما بحكوا إني ضدهم على طول الخط) ما داموا على هذا الخط، وها أنا أنتقد غيرهم من الصوفية التي تتشابه كثيرا مع الشيعة في الخراريف والمعتقدات.
نرجع للخُضْر جماعتنا، فهم دعاة التوازن والحفاظ على البيئة واستدامة مواردها، وبصفتي أبو التوازن الدؤلي فأنا معهم على طول الخط، خاصة بعد ما رأيناه من عودة الأرض إلى طبيعتها لعدة أسابيع بعد الحظر العالمي الشامل، فاستبحات الحيوانات البرية المدن والحواضر تبحث عن موطن أجدادها تسأل عن الذين أفسدوا الأرض وخرقوا طبقة الأوزون، عادت الأرض تتنفس من جديد وقلت الضوضاء وصفا الجو، حتى أن البعض رأى جبل الشيخ وجبل العرب من عمان الشرقية، كما زعم آخرون أنهم رأوا برج إيفل من الفحيص، والتوثيق لهذه المشاهدة موجود في صورة المقال لمن صدق بالكشف والخراريف من جماعة الخَضر لا الخُضر.
خلق الله سبحانه وتعالى الكون ولم يتركه عبثا، بل وضع له قوانين تضبط حركته وتحكم مسيره، ووضع لبني آدم سننا تحكم مسيرتهم تماهيا مع حركة الكون، وكان (الميزان) من أهم القوانين التي أوجدها الله تعالى قَيِّمَا على ما دونه من قوانين الفيزياء والكيمياء وسنن الاجتماع والمعاش قال تعالى :"والسَّماءَ رفَعهَا وَوضَعَ المِيزانَ" وأتبعه ب "أَلَّا تطغَوْا في المِيزانِ" وأكمل ب "وأَقِيموا الوَزنَ بالقسطِ ولا تُخسِروا المِيزَانَ"وأكد ذلك بقوله "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا معَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ".
تجد الكون في حركته يتجه بانسياب بديع لتحقيق (الميزان) بتوازن طبيعي بين كل مكوناته، فالحرارة - مثلا - تتوازن بين البارد والساخن، وإن وضعت الرطب بقرب الجاف ستجدهما بعد حين وقد تعادلا في نسبة الرطوبة، وكذلك المنخفض الجوي والمرتفع الجوي يسريان دائما نحو التعادل، فيحرك بذلك الله الريح والمطر حيث يشاء، وكما يسري هذا القانون على الطبيعة والحجر فإنه يسري على البشر أيضا، فأنا مثلا في بيتي جعلت القوامة بيني وبين أم طارق يوما لها ويوما لها، كنوع من أنواع تطبيقات هذه السنة وهذا القانون، وهذا حقق توازنا بديعا في البيت، كل يعمل في اختصاصه، أنا في النشر (المقالات وليس الغسيل) وأم طارق في الرقابة والإجازة خاصة بعد مقال "بدنا نتجوز على العيد".
تجد هذا التوازن في التشريع واضحا فالعين بالعين والسن بالسن، وتستمع بانبهار لآيات الله تعالى في مواضع شتى ما يفيد هذا المعنى : "وكتبنا عليهم فيها أن النّفس بالنّفْس والعين بِالعين وَالأنف بالأنف وَالأذنَ بِالأُذنِ والسنَّ بالسنِّ" وفي معرض الجزاء في الآخرة قوله "جَزَاءً وِفَاقًا" وفي قانون الجزاء في الدنيا "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بهِ".
وقد فهم هذا المعنى في التشريع علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما نظر في حكمة الزكاة فقال "ما جاع فقير إلا بما منع به غني" في توازن اقتصادي بديع، وكما البشر فالحيوانات أيضاجاعت والبيئة اختنقت، ولا أرى الكورونا إلا كإنذار أوليّ لبني آدم للنظر إلى الأرض والدنيا على أنها دار ممر لا دار مقر، نستنزف مواردها وندمر توازنها ونقتل حيوانتها، لقد بالغنا في الترف والاستهلاك فثارت علينا أضعف مخلوقاتها من الفيروسات علّنا نرتدع ونتوقف قليلا.
فإن أردت أيها القارئ أن تسبق غيرك من علماء الاجتماع وحكماء السياسة في فهم ما يدور حولك من أحداث وما يتسارع أمام ناظريك من متغيرات، فما عليك إلا إخضاع الأحداث إلى قانون (الميزان) لتعلم أن الأقدار تسير نحو التوازن.
وليس كالشريعة من نظام يحقق هذا التوازن، وليس كالسنن الربانية ما يفسره، فقد دمرتنا الرأسمالية والليبرالية والاشتركية والديمقراطية، كلها أنظمة وضعية دمرت الأرض وأهلكت البشرية، وقد يحتج أحدهم لإدراج الديمقراطية مع غيرها من زبالة أفكار البشر، فأقول، ومع أنها سمحت لي بالإنضمام إلى أحزاب الخُضر والبيئة المنتشرة في كل المعمورة، وأوجدت صيغة تفاهم وتقاسم سلطات بيني وبين أم طارق في البيت، إلا أن حقيقتها المدمرة تكمن في حرص كل حزب أو طرف الوصول إلى الحكم بأي ثمن كان، ولا يكون ذلك إلا بانتخاب الجماهير التي لا تنتخب إلا من يحقق لها الأمن والرخاء الاقتصادي والترف المادي، فيسعى كل حزب وكل شخص للبقاء أو للوصول إلى الحكم ولو كان ذلك على حساب سحق الأمم الأخرى وسرقة ثرواتها وتدمير البيئة واستنزاف موارد المحيطات والبحار، وهذا عين الذي حدث مع أوروبا وأمريكا التي رافق ديمقراطيتها إمبريالية احتلت شعوبا وسرقت أمما، ورأسمالية لوثت الجو ورفعت حرارة الأرض، فعاش أفرادها على حساب الكرة الأرض أفضل عيش ضمن لها الاستمرار في الحكم، بينما الحكم الإسلامي له نظرة مختلفة للدنيا ابتداء، فهو يعمل على الإعمار والبناء والتنمية بتوازن دون ترف ومبالغة في الاستهلاك، ولا يظلم شعوبا على حساب إخرى، ولنظام الحكم فيه اعتبارات أخرى تخالف الديمقراطية قلبا وقالبا، ولو نظرنا للصين كمثال لا نتفق معه لكنه يدلنا أن التنمية والبناء يمكن أن يتم بغير الديمقراطية، ونظرية الشورى والحكم الإسلامي بأوجهها المتعددة كانت أفضل على البشرية من أفكار البشر الوضعية الناقصة، وهنا أجد أن فكرة (المستبد العادل) فكرة قوية وقابلة للنقاش مع استكمال باقي السلطات واستقلالها كسلطة الرقابة والقضاء والشورى والسلطة التنفيذية وسلطة علماء الدين.
إن ما نشاهده اليوم من أحداث دامية تحدث في أغلب دول العالم من جوائح وتفكك تحالفات وانهيارات اقتصادية وحروب وفقر وتشرد وأعاصير سببتها الدفيئة الكونية وظاهرة النينو وغيرها، كلها خاضعة لميزان عدل، ميزان التوازن بين الظلم والعدل، التوازن بين الظالم والمظلوم، التوازن بين المجرم والضحية سنة لن تجد لها تبديلا، فالشعوب المقهورة لن تسكت، والحيوانات المظلومة ستجتاح حواضرنا إن أبادتنا الجوائح والأعاصير تستعيد ما سرقناه منها من غابات وسهول وجبال.
فمن لطم وزعم أن ما يحدث من شفاء للصدور ليس من الإسلام وليس من الإنسانية أو حتى ليس من التعاطف مع الحيوانية، فليتنحى جانبا فإن عجلة القانون واندفاع السنة أقوى من تخرصاته وهي غالبة وغيرها مغلوب، ولن تتوقف هذه الأحداث حتى يتحقق العدل وهو (الميزان) وليس ميزان ثَمَ غير شرع الخالق عز وجل وليس شرع إلا بالعمل والاجتهاد والأخذ بالسنن التي تعيد الأمور إلى نصابها وإلا فالموجات المتتالية ثم الخراب.
فإن لم تكن ممن اختارهم الله لتحقيق مراده، فالزم بيتك وارقب الأحداث متفكرا في بديع قانون الخالق عز وجل، ودع عنك الشغب فإنه مهلكة.
فإني شخصيا التزمت بيتي وخضعت لقانون التوازن فيه ولتعليمات أم طارق، وقبل أن أعكف على تصميم فوتوشوب يُظهر تمثال الحرية في إربد (الفحيص مش أحسنا منا) ها أنا أقوم بالنشر والغسيل بناء على أوامر الدفاع.
ليث التل
14 رمضان
7/5/2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق