بقلم زوجتي لبنى العقاد حفظها الله
طارق علي نيازي التل
والدي بعد والدي رحمهما الله رحمة واسعة
ما زلت أسمع صدى صوتك يتردد في حديقة المنزل تترنم باسم حفيدتك "يا فاطمُ يافاطمُ
شيلي كتابك وانزلي ..
وانزلي حرم النبيّ..."
في صباحات الجُمع يوم كانت فاطمة تصحو باكرا تنظر من النّافذة لتُلقي عليك السلام وأنت تتنقّل بين أشجارك الأثيرة تقلّم وتسقي تارة وتتسلّق وتجني الثمار تارة أخرى بهمّة عالية ونشاط يضاهي نشاط الشّباب .
ما زالت صورتك ماثلةً أمامي وأنت تهشّ وتبشّ لي كلما دلفتُ إلى بيتكم تناولني بيدك نصف أوّل ثمرة نضجت على شجرة التين الحبيبة الى قلبك ليكون نصفها الآخر حصة خالتي أمّ اللّيث .
والدي الحبيب بعد والدي
لم تزل حيّا في ذاكرتي حاملا عصاك، والابتسامة لا تفارق محيّاك ونحن نشدّ الرّحال بمعيّتك إلى "منتجع الموقّر" حيث أقام ولدك "المشاغب" ليث لمدة عشرة أشهر لنحظى بلقاءٍ معه لمدة عشرين دقيقة فقط (بعد رحلة دامت ساعة ونصف) نسمع صوته من خلال أسلاك هاتف ونراه من خلال زجاج عازل للصوت ويكاد يكون عازل للصورة كذلك، كم كنتُ أشفق عليك يا والدي من طول رحلة الشتاء والصيف تلك،وكم كنت تشفق عليّ وعلى الأولاد ،فكنت تحاول التّخفيفّ عنّا بأحاديثك الماتعة وذكرياتك ...
كم كنت حريصا على إنهاء حديثك مع ليث بأقصى سرعة لتتيح جلّ وقت الزيارة لفاطمة واخوانها حاملا عصاك مبتعدا عن الحاجز جالسا على الكرسيّ(اذا توفّر) حتى لا تنتهك خصوصيتنا...
ويا لها من خصوصيّة تلك التي ينتهكها الكثير إلا أنت !
كم كنت أقدّر مرورك الكريم كل مساء - متكبّدا عناء صعود الدرج الطويل لمن في مثل سنّك-
تتفقّد حالنا تواسينا بودّك ودفء حضورك بيننا .
والدي أبا اللّيث..
أشكر لك حلمك الذي كنت تستقبلني به عندما كنتُ أطيش أحيانا.
أشكر لك سعة قلبك الذّي وسعني عندما ضاقت بي السُبل.
وأشكر لك ودّك الذّي غمرتني به أنت وخالتي أمّ الليث من أول يوم صرت فيه زوجا لابنك فما شعرت يوماً إلاّ أنّي ابنتكم السّابعة .
سلام عليك يوم متّ ويوم تبعثُ حياًّ
لبنى فاروق العقاد
8/4/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق