السبت، 14 أبريل 2018

فقدان الثقة بالله بوابة الإلحاد



بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
لعل من أسباب فقدان الثقة بالله عز وجل وانتشار الإلحاد مؤخرا بين جيل الشباب؛ هو الحال المتردي الذي وصلنا إليه، والهزائم المتتالية، والمجازر المروعة، وفشل التجارب الإسلامية، والقادم أدهى، فبرز السؤال : لو كان الله موجودا لما سمح بكل هذا ؟؟
وقبل الإجابة عن هذا السؤال أود من المهتم العودة للأسئلة السابقة الواردة في مقال هوكينج ومقال السؤال الرابع الكبير وهي موجودة على مدونتي (غراس الكلم).
إن وجود قوة عظمى مطلقة وراء خلق الكون والقيام على شؤونه، شُرِطَ لها أن تكون كاملة لا يعتريها النقص، وبغير ذلك فإنها تهبط إلى قوة محدودة لا تستحق وصف الخالق، وتُعرف هذه القوة بصفات الجلال والكمال، ومن أوجه هذا الكمال أن هذه القوة تحكم ولا معقب لحكمها "وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ۚ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" والله عز وجل وضع لهذا الكون القوانين والسنن التي يسير عليها، ولا راد لهذه القوانين الكونية ولا معقب عليها، ولو لم تكن هذه السنن نافذة، لبطلت قدرة وحكمة واضع هذه القوانين "فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا" . فانظر إلى الحُكَّام (ولله المثل الأعلى) أيهما أقوى ؟ النافذة قوانينه لا يحابي بها أحدا أم واضع القوانين التي ليس لها على الواقع أي تطبيق أو أثر ؟
إن الله عز وجل لم يُحابي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم يوم خالف الصحابة سنن النصر في معركة أحد، وسرت قوانينه على محمد قبل أن تسري علينا هذه الأيام، وما سبب ما نحن فيه  إلا مخالفة هذا القانون، فالله عز وجل جعل أسباب التمكين متاحة لكل البشر، إن أخذ بها الكفار تَمَكَّنوا وإن تركناها هُزمنا، "وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ " فهي (سواءً) لنا ولعدونا.
إن البعض منا عندما هُزمت الأمة وحلت بها المجازر فقد ثقته بالله بدل أن ينظر إلى مخالفته للقانون الرباني، الذي حاشا للقوة المطلقة أن تضع قانونا ثم لا يكون نافذا، فذاك اتهام بالعجز والنقص حاشا للخالق أن يتصف به.
ولم ولن ننتصر ما دمنا نخالف القانون ولو كان معنا كل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك طلب الشفاء دون العلاج أو طلب الطعام دون السعي "كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ".
فمن ناقشك من الذين فقدوا ثقتهم بالله بسبب مجازر سوريا أو مذبحة رابعة فأعده إلى القانون، وقل له لو انتصرنا ونحن نخالف سنن الله لحكمنا على الخالق أنه عاجز، ولنا الحق أن نعقب على قوانينه التي وضعها ونخالفها ثم ننتصر،
والانتصار مع مخالفة السنة الربانية؛ أدعى للإلحاد من سريان قانون الخالق علينا بالهزيمة.
فهزيمتنا هي محض تحقيق الإيمان بالذي يحكم ولا معقب لحكمه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها. قيل أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم كثرة و لكنكم غثاء كغثاء السيل, ولينزعن الله من قلوب عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن. قالوا : و ما الوهن يا رسول الله ؟ قال: حب الدنيا و كراهية الموت".
فسبب هزيمتنا حبنا للدنيا وكراهيتنا للموت وليس عدم وجود الخالق أو عجزه.
فشرط القوة المطلقة التي ليس فوقها قوة (الله) أن تكون سننها نافذة.
فلا تلوموا الله على هزيمتكم "ولوموا أنفسكم " 
في المرة القادمة ضمن سلسلتنا عن الإلحاد وبعد أن أجبنا عن السؤال الرابع في مقال سابق والذي كان نصه : هل يوجد من قال أو زعم أنه خالق هذا الكون غير الله ؟
أناقش السؤال الخامس : كيف وصلنا هذا الزعم وهذا الادعاء ؟
إن شاء الله وهو ولي التوفيق
14/4/2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق