لم يغمض جفني بعد وهدير نفسي التواقة إلى باريها أقض مضجعي فربما كلماتي جارحة لكن أحسب فيها حبا ورحمة

الجمعة، 11 أغسطس 2017

عصابة الأشقياء





من شتى الأصول والمنابت يجتمع الأحفاد يوم الخميس في دار جدهم يعيثون في الأرض فسادا، وفي حديقته التي سقاها بعرق جبينه خرابا، وفي الحارة شغبا وشقاوة، وكان قدرهم هذا الخميس أن يقعوا تحت براثن أشد الخالات صرامة بعد أن (طَسَّتهم بهدلة بتسوى حياتهم) لتخريبهم القصب الذي يظلل الأرجوحة التي نتناول عندها قهوة الصباح مع الحج والحجة كل يوم، ثم أَتبَعت ذلك بالتهديد الأكبر أنها ستُخبر جدهم عن فعلتهم النكراء، فتَشتَّتَ الجمع وَوَلَّوا الدبر.
ما هي نصف ساعة مرت حتى أُعلنت حالة الطوارئ، لقد اختفت عصابة الأشقياء ولم يشاهدهم أحد منذ ذاك التهديد.
لَبِسَتْ الأمهات الجلابيب وأخذن بالبحث عن الأولاد وفي مخيلتهم حادثة الفرار التي عاد بها أحد الأحفاد - في جرأة نادرة - قبل فترة من بيت جده إلى بيته قاطعا مسافات شاسعة ومفازات خطرة بعد طوشة مع أولاد الحارة.
تنفسنا الصعداء بعد أن مسكنا بطرف الخيط، فقد تناهى إلى مسامعنا أن أحدهم شاهد أحذية الأطفال على باب المسجد، أسرع مندوب من فرق البحث والتحري إلى المسجد ليجد الأطفال وقد أخذ كل واحد منهم مصحفا يتضرع به إلى الله أن ينجو من التهديد المنتظر.
براءة ألهمتهم أن التضرع إلى الله ملاذهم من كل بأس، وذَكَّرَتنا نحن الكبار أن (من دخل المسجد فهو آمن) وأننا بتنا اليوم في غفلة عن رحمة وسكينة وآمان المسجد، فقد أصبحت حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في واد وبيت ربنا عز وجل في واد آخر.
نسأل الله براءة الأطفال وفطرتهم السليمة ونسأله ذمته ومعيّته إن نحن فزعنا إلى بيته فجر كل يوم.
والسلام
11/8/2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق