لم يغمض جفني بعد وهدير نفسي التواقة إلى باريها أقض مضجعي فربما كلماتي جارحة لكن أحسب فيها حبا ورحمة

الأحد، 27 مايو 2018

حماس الأمل الضائع


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أمهات المؤمنين والصحابة أجمعين
حماس الأمل الضائع
بما أننا في رمضان وحتى أريح القُرَّاء الأفاضل من عنت متابعة المقال إلى آخره، فمن كان يعتقد أن العبد الفقير عميلا للإمارات، أو أنه من معسكر السعودية، وربما يكون متصهينا يوالي السيسي، أو ربما يتقاضى راتبا من وكالة الاستخبارات الأمريكية قدره 2464 دولار و67 سنتا ، كل هذا الاعتقاد؛ لأني لا أُقَدِّس الثالوث ( حماس أردوغان والجزيرة) ولا يريد صاحبنا هذا الاستماع إلا لنفسه، ولم تكن ضالته الحكمة يوما ما، فإني أُقِرُّ له بذلك، فليترك المقال منتصرا منتشيا، ولا حاجة له بسماع كلام العملاء أمثالي، فقد بلغ منتهى حجته وغاية نفسه، وبيني وبينه الله عزوجل يوم القيامة.
فسلام عليه ... لأنَّ
لساني صارمٌ لا عيبَ فيهِ ... وَبَحْرِي لا تُكَدِّرُهُ الّدلاءُ
ومن أراد المتابعة متكرما فحيهلا
يقول نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم  في الحديث المروي عن تميم الداري " الدين النصيحة قيل: لمن يا رسول الله؟ قاللله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم" فمن كان يعتبر حماس من أئمة المسلمين فالأحرى به أن يستمع النصح مهما كان مؤلما، وليعلم أن الأخطاء الفردية غير الأخطاء الحزبية، وأن التجاوزات السرية غير المخالفات العلنية، وأن الصغائر التكتيكية غير الانحرافات المنهجية، وما فعلته قيادات حماس السياسية لم يكن معصية فردية ولا خطأ تكتيكيا ولا أمرا مخفيا، بل كان انحرافا منهجيا علنيا متراكما، فوجب النصح العلني والإنكار الشديد دون المجاملات التي لن تضر في النهاية إلا حركة حماس وأتباعها.
وما هذا المقال إلا قول مُتأخر في حماس، حَثَّني على كتابته ما جرى على صفحتي البارحة من نقاش مستعر لأني أنكرت على حماس تصريحات قائدها في غزة  يحى السنوار و
لقد علم الحي اليمانون أنني  ... إذا قلت أما بعد أني خطيبها
فأما بعد
إننا كمسلمين لا نفصل بين الدين والحياة، ولا بين الدعوي والسياسي، كما يحلو للعلمانيين الشيوخ الجدد الترويج له هذه الأيام، ونحاكم تصرفاتنا الفردية والجماعية لثوابت الدين ولا نتركها للمصالح المرسلة، إلا بعد استنفاد التسلسل في أدلة الأحكام من قرآن وحديث وقياس وإجماع، ثم ننظر في حال انعدام الدليل مما سبق على أي سلوك اجتماعي أو سياسي  أو اقتصادي، ننظر في كون المصلحة مصلحة معتبرة اعتبرها الشرع أو مصلحة ملغاة ألغاها الشرع، فإن لم تكن لا هذه ولا تلك، نظرنا في المصالح المرسلة ضمن الشروط التي وضعها أهل الاختصاص، من كونها قطعية المصلحة، وعامة ليست خاصة وغيرها من شروط، وما تفعله حماس وغيرها من جماعات الإسلام السياسي هذه الأيام أنها تتجاوز كل ما سبق من أدلة الأحكام وتقفز إلى المصالح المرسلة، مما فتح الباب لمن هب ودب أن يتجاوز كلام رب العالمين وكلام رسوله دون رقيب أو عتيد، ثم بعد ذلك يرفعون على المخالف سيف الاتهام وسيف الإتيان بالبديل، متجاوزين الأصل نحو الفرع، وليس مطلوبا ممن وقف عند حدود الله والتزم بأوامر ربه أن يقدم لهم بديلا عما ورطوا أنفسهم فيه، وقد فات أوان عودتهم للحق وحان أوان دفع ضريبة الكوارث التي ارتكبوها، فالذي وقع  في جرف هار لا ينفع معه أن تقول له لا تقترب من الحافة، فقد وقع الفأس بالرأس، وقد سبق للعبد الفقير أن نصح خالد مشعل في بيته في ضاحية الرشيد قبل سنوات وقبل فوات الأوان، ثم رفض العمل معه في دمشق عندما طلبه مشعل شخصيا لذلك.
إن حركات المقاومة عندما تسير في طريق تحرير بلدانها وجب عليها أن تعرف من اليوم الأول أن هذا الطريق شاق طويل، وأن له ضريبة كبيرة وأن الشعوب التي تُطالب بالتحرير ستدفع هي الثمن الأكبر لتكون قدوة للأمة لتسير خلفها، وتنال شرف الدنيا والآخرة كما يفعل شعب غزة العظيم دون قيادته المتخبطة، وأما الوقوف في منتصف الطريق والرضى بما يسمى (الدعم غير المشروط) فهو وَهْمٌ أثبتت تجارب التحرر كلها أن مصيره كان الارتهان لمطالب الممولين، وهو عين الذي حدث مع الفصائل السورية المقاومة، التي أصبحت ألعوبة بيد الإمارات وقطر والسعودية وتركيا، كل يوجهها حيث مصالحه، وها هي النتيجة ماثلة أمام الجميع.
ولقد وضع لنا الرسول صلى الله عليه وسلم نهجا واضحا في ذلك فقال " ... وجعل رزقي في ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالفني ومن تشبه بقوم فهو منهم" فلتغنم حماس السلاح من عدوها ولتشتريه من السوق السوداء ولتصنعه في مطابخها ... ألخ، ولا  تدخل في تحالفات باطلة على حساب دماء المسلمين من أجل الحصول عليه، فالذل والصغار نتيجة حتمية لذلك، حتى أن قيادة حماس السياسية لا تلبس (القرافة) مع القمصان تقليدا لطريق لبس الإيرانيين وحزب الله، كما في نهاية الحديث أعلاه.
إن الذين يزعمون أن تصريحات السنوار (والتي تمثل حركة حماس) إنما هي أكل ميتة اضطرت حماس لها للحصول على السلاح، بحاجة إلى إعادة الاستماع مرة ثانية لتلكم التصريحات، ومراجعة سلوك الحركة السياسي وبياناتها، ومنها تأكيد السنوار الأخير أن حماس ضمن محور الممانعة وأن هذا المحور في أفضل أوضاعه، فقد اصطفت بذلك حماس مع إيران وبشار وحزب الله، وهم أكبار المجرمين قتلة المسلمين الذين يُفترض في حماس أن لا تفرق بين دماء أهل غزة ودمائهم.
وقد مارست حماس ذلك من قبل يوم عقدت مؤتمرات المصالحة في مكة المكرمة، وحضرت قيادتها مؤتمر القمة العربية حينها في الدوحة ، واستجابت لمطالب السعودية بوقف العمليات الاستشهادية مقابل الانفتاح عليها، فأضاعت حماس ورقة قوتها العظمى، ومن لم يصدق هذا الكلام فليعد إلى قيادة حماس وإلى العمليات الاستشهادية المائة التي وعدت كتائب القسام بتنفيذها انتقاما لمقتل الرنتيسي رحمه الله، ولم يُنفذ منها شيء بناء على تلكم المصالح المتوهمة التي أغرتهم بها السعودية، وهو ما يحدث الآن مع إيران والتي لم ولن ترسل السلاح إلى حماس من أجل سواد عيون قادتها، بل ضمن مخطط شيعي لاحتلال المنطقة، سقطت في يده لغاية الآن أربع عواصم عربية، وعلى حساب مئات الآلاف من الدماء الطاهرة، وحماس بعملها هذا تُعطي شهادة حسن سلوك لإيران للاستمرار في مخططها، لينتهي المقام بحماس باللطم إما تشيعا وإما ندما ولات حين مندم.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما استعار السلاح من صفوان بن أمية الكافر من أجل معركة حنين، كانت له اليد العليا في مكة، ولم يُحَسِّن ويمدح ويتحالف مع كفار قريش الذين أذعنوا له، ولم يقوموا بقتل المسلمين في أماكن أخرى، كما تفعل إيران التي يمدح السنوار مجرمها الأكبر قاسم سليماني.
إن المحتل الغاصب هو المسؤول عن إدارة الأراضي التي احتلها، وهو لا يفعل ذلك كرما منه بل اضطرارا، لأنه لو ترك الحبل على الغارب فسيدفع مقابل ذلك أضعاف مضاعفة من أمنه واستقراره، وسيكون حريصا على تأمين حاجات الناس الرئيسية من ماء ودواء وغذاء وكهرباء حتى يأمن شرهم، ومن هنا تتسلل المقاومة في استنزافه في معزل عن تحمل تبعات إدارة الأراضي المحتلة وتأمين الرواتب، إن دخول حماس في سلطة وانتخابات في ظل احتلال هي أم الكوارث التي ارتكبتها، فانتهى أو سينتهي بها المقام مثل سلطة عباس الذي أصبح يتحمل مسؤولية أي رصاصة تُطلق على إسرائيل، كما هي اليوم حماس أخذت عن العدو الإسرائيلي من حيث تدري أو لا تدري مسؤولية حماية الحدود ومنع إطلاق الصواريخ.
لقد استطاعت الأنظمة العربية وعلى رأسها قطر ترويض حماس وأدخلتها هي والسعودية في سلطة تحت الاحتلال، تقطع عنهم إسرائيل الكهرباء متى شاءت وتُغلق عليهم مصر المعابر متى أرادت، فأصبحت حماس رهينة حاجات الناس اليومية في خطوة رفضها الرنتيسي وإبراهيم مقادمة وأمثالهم بكل قوة وحزم من قبل بل خَوَّنَ الرنتيسي من يفعل ذلك، ثم ها هي حماس تضطر (بسبب أخطائها) أخذ الرواتب من قطر والسلاح من إيران ومفاوضة دحلان للعودة إلى غزة.
فقولوا لي بالله عليكم، أين هو مشروع التحرير ضمن كل هذا ؟ وقد غيرت حماس ميثاقها في فنادق قطر ولم تعد تطالب بفلسطين من البحر إلى النهر.
ثم يأتي لك كلما أنكرت على حماس مسلسل تنازلاتها من يقول لك وأين البديل ؟ ورغم أن حماس هوت في جرف كوارثها السياسية، إلا أنها لا زالت تملك الحل بالعودة إلى تعريفها الأول كحركة مقامة إسلامية لا تتحمل تبعات المحتل بإدارة المناطق المحتلة، وتنقل العمل المقاوم من غزة إلى الضفة ثم إلى كل فلسطين كما كان يخطط ويعمل يحى عياش رحمه الله، فتتحمل كل فلسطين لا غزة وحدها تبعات الاحتلال والمقاومة.
ولعل البعض منكم سمع عن حكومة فيشى الفرنسية، وهي الحكومة التي جاءت بانتخابات أقامها المحتل الألماني، وأدارت البلاد عنه بحجة التخفيف عن الشعب الفرنسي، فأصبحت حكومة احتلال، كان مصيرها بعد انتصار المقاومة الفرنسية الذبح في شوارع باريس بحجة الخيانة.
لقد زعمت حماس أنها ستدخل العملية السياسية لحماية سلاح المقاومة، واسترخصت دماء المسلمين في سوريا والعراق  من أجل الحصول عليه، وها نحن نرى السلاح وقد تحول لحماية المشروع السياسي الكارثي لا العكس، ثم بدأت حماس بالتحول التدريجي في خطابها وممارستها نحو المقاومة السلمية - التي توهمت قيادة حماس أن العالم الذي لا يستجيب إلا للقوة سيستجيب لها -  والتي يُقتل فيها خمسون من أفراد القسام في مسيرات سلمية.
إن تصريحات السنوار الأخيرة هي امتداد لمسلسل التنازل، وهي خطيرة جدا، صنفت فيها حماس نفسها ضمن معسكر إيران بشار حزب الله، وهذا المعسكر هو عدو  1.5 مليار مسلم، فأين ستذهب حماس من كل هذا،
فالأمر ليس مجرد أخذ أسلحة بل هو تحالف في محور واحد في علاقات لم تنقطع معه يوما ما، كما صرح موسى أبو مرزوق قائلا أنهم في فترة ما آثروا أن تكون هذه العلاقات سرية، وهذا يجعل حماس مثل حلفائها
"وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"
وقد حَادَّ هذا المحور الله ورسوله قتلا وكفر وسبا لأمنا عائشة ولا زالت قيادة حماس على ودٍّ معهم
"لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"
وفي النهاية أعيد طرح سؤالين وردا في النقاش السابق لا أظن أني سأحصل على أجوبتهما كما أني لم أحصل من قبل على جواب سؤال (تبرير الإسلام السياسي لتقنين الشذوذ الجنسي) العتيق.
السؤال الأول :

لو قتلت إيران المسلمين واغتصب حزب الله الأمهات والزوجات والبنات في حي الشجاعية، فهل ستأخذ منها السلاح وتتحالف معها في حي الشيخ رضوان ؟؟
السؤال الثاني:
لو أن أحدنا يتعامل مع شخص ما ماليا أو اجتماعيا أو سياسيا مضطرا أو غير مضطر، وطفق هذا الشخص بسب أمه واتهامها بالعهر والزنا والعمل بالدعارة وشهّر بها في كل محفل، فهل سيبقى يتعامل معه؟ ويفصل بين عمله السياسي أو الاجتماعي وبين التشهير بأمه؟ بحجة المصالح المرسلة ؟ أم أن الحد الأدني من المروءة يحتم عليه قطع علاقاته معه ؟
وتلك هي أم أثافي حماس والأخطر في كل ممارساتها
فعذرا أيتها الطاهرة المطهرة الصديقة بنت الصديق التي أمرنا نبينا أن نأخذ عنك ديننا، والتي نزلت براءتك من فوق سبع سماوات نتعبد بقراءتها قرآنا يتلى إلى يوم الدين
عذرا أُمنا أم المؤمنين عائشة فقد رضوا لك ما لم يرضوه لأمهاتهم

اللهم إني بلغت اللهم فاشهد

27-5-2018




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق