لم يغمض جفني بعد وهدير نفسي التواقة إلى باريها أقض مضجعي فربما كلماتي جارحة لكن أحسب فيها حبا ورحمة

الأربعاء، 3 يونيو 2020

ثمانون عاما بحثا عن اللطافة (cuteness)

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

منذ فترة وأنا أحاول الوصول إلى الجاذبية (cuteness) لأنه بصراحة عدَّاد الأصدقاء على صفحتي بدأ بالتناقص بشكل مُتسارع، وحجم تزويد الأصدقاء قليل بسبب قرارات الحكومة التي ضربت سلاسل التزويد والتزود، أضف إلى ذلك أني ممنوع من الكتابة في البيت بسبب قرارات أم طارق التي سمحت لي بالكتابة في أوقات العمل فقط، ولكن وعكة صحية بسيطة ألَمّت بحماتي العزيزة استدعت ذهاب أم طارق للنوم عندها، ف(غاب القط فالعب يا فار)، أصبح البيت دندرة، عماد وفاطمة والخادمة كل في غرفته يعمل ما يشاء بعد غياب الرقابة التي كنتُ المستفيد الأول من غيابها، فاستللت قلمي وها أنا أحدثكم بغياب الرقيب ومقصه.
هناك أشياء في الحياة ثمينة جدا لا يُقدّر المرء قيمتها إلا بعد تجارب مريرة وأحداث مؤلمة، ألم تقرؤوا أيها الأصدقاء رواية (الخيميائي) التي نال عليها باولو كويلو جائزة نوبل للأدب، والله ما أنا عارف ليش أعطوا الجائزة، فشخصيا لم أجد في الرواية أي شيء مميز (يمكن لأننا أُدباء نغار من بعضنا) بينما كانت روايته (الزّهير) رواية ممتازة، وكما كان يبحث في الخيميائي عن الكنز المدفون عند أهرامات مصر فقد كان يبحث في الزّهير عن زوجته الهاربة في جبال كازخستان، وأنا حضرتي الآن مثله أبحث عن إكسير الحياة ال (cuteness) لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأصدقاء ومن العلاقات الاجتماعية.
استشرت واستخرت وبحثت، فلم أجد إليها سبيلا، هل ال (cuteness) شيء خيالي مثل إكسير الحياة أفنى الخيمائيّون والسيميائيّون أعمارهم وهم يبحوثون عنه دون جدوى؟ ربما، وربما هي عملة نادرة لا يعلم عنها إلا الخاصة أو خاصة الخاصة كما تزعم الصوفية، أو ربما تتحكم بها الحكومة الخفية وتُخبئها في مكان سري لا تعلم عنه الحكومات والأنظمة، أو أن الماسونية وضعتها في مغارة يحرسها فرسان المعبد ودكتور سترينج.
كل ما سبق لا يهم، فسأذهب إليها حتى لوكانت مدفونة عند أهرمات مصر أو هاربة تتبتل في جبال كازخستان، ولن أضيع فرصة الحصول على هذا الكنز كما أضعته صغيرا حين عرض عليّ ابن مؤذن المسجد الذهاب معه إلى مغارة قريبة من بيتنا في ثمانينات القرن الماضي يوم كُنّا نسكن وحدنا على رأس الجبل في تلاع العلي، ورغم أنه أراني قطع فسيفساء أخرجها من المغارة في محاولة منه لإقناعي، إلا أن أبي رحمه الله أشفق عليّ من الدخول إلى المغارة، وخَوَّفني من الأفاعي والضباع والثعالب والذئاب وغولة سريج والساكونة والجن الذين يسكنون المغارة مع بعضهم  في وئام وسلام ينتظرون قدومي حتى (ينتفوا ريشي ويفصفصوا عضامي)، مرت الأيام واستأجرت مدرسة خاصة الأرض التي فيها المغارة من أصحابها، وبدأت بحفر الأساسات، توقف البناء فجأة وجاءت الحكومة (العادية) ووضعت يدها على الأرض لمدة ستة أشهر وأحاطتها بسور عالي، ثم أخرجت منها صناديق وجرار، وأعادت الأرض للمدرسة وكأن شيئا لم يحدث، بينما أنا أعض أصابعي ندما أني أطعت أبي في ذلك اليوم المشؤوم ولم أدخل المغارة خوفا من غولة سريج التي خافت من جرافات الحكومة وهربت هي وصديقتها الساكونة، لتأخذ الحكومة ما كان يُغنيني عن عمليات البحث الجديدة عن كنز اللطافة والجاذبية الضائع، ويُغنيني عن  الهاربين من طفاشتي وأشتري من شئت من الأصدقاء على الفيس بوك وتويتر.
طال البحث حتى أني فكرت بتأليف رواية جديدة أُسميها (ثمانون عاما بحثا عن الحكومة الخفية) ...
دقيقة يا إخوان بعد إذنكم أم طارق على التلفون 
- ......
- ماشي.
- .....
- آه
- .......
- طبعا طبعا
- ......
- قاعدين مع بعض نشاهد الأخبار.
- ......
- وعليكم السلام
- .....
- وأنتِ من أهله
عفوا يا أخوان كنت مضطرا للرد على (حكومتي الخفية).
بتعرفوا إني مضيع، لقد حدث معي تمام الذي حدث مع الراعي الإسباني الشاب سنتياغو الخيميائي، ذهب للبحث عن الكنز في مصر وهو مدفون تحت قدميه في إسبانيا، حكومتي الخفية بين يدي وأنا أبحث عنها في محافل الماسون ومغارات الذهب
 "كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول" 
يوريكا (Εύρηκα) وجدتها؛ هي اللطافة المتبتلة في جبال كازخستان والجاذبية الفوّاحة من حقول البرتقال في يافا، ولا شك أن عندها وصفة ال (cuteness)، سأعاود الاتصال بها بعد إذنكم
- ألو ... كيفيك أم طارق؟
- خير شو في ؟!
- كنت بدي أسألك عن وصفة الجاذبية لإعادة الأصدقاء وترميم العلاقات الاجتماعية؟
- سهلة
- خبريني
-  ال (cuteness) ليست مظاهر التعاطف الخادع ولا نفاق التضامن الزائف،  إنما هي ما ورد عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس"
وهيك بتكون يا أبو طارق (إسلامي كيوت) بحق وحقيق.
3/6/2020
ليث التل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق