من جهته قال الكاتب الأردني، ليث التل: "بما أن النقاش
يدور حول تجربة إسلامية، فتكون محاكمتها إلى قواعدها وأصولها، وأصول الإسلام تفيد
بأن مظاهر التدين من حجاب وحفظ للقرآن، وعدم شرب الخمر هي نتاج لأصل الإيمان
بالله، والتسليم له في كافة الشؤون الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وقصر
المحاكمة على السلوك فقط مردود شكلا، إذ يخرج الدين عن طبيعته وعن أصله الذي جاء
به".
وأردف: "وكما كل الأديان والعقائد السماوية والأفكار البشرية التي تنبثق عنها ممارسات سلوكية فإن رسالة الإسلام، وتجارب التمكين البشرية تفيد أن لا فكر ولا سلوك ينبثق عنه؛ يتمكن في ميدان الحياة العامة إلا بقوة تحميه وتجيزه وتمضيه، لذلك فما جاءت به صناديق الاقتراع تذهب به بالضرورة".
وتابع حديثه لـ "عربي21" بالقول: "وبما أن مظاهر
التدين هذه جاءت عبر علمانية أردوغان الناعمة، والتي تسمح للمحجبة بالحجاب،
وللمتعرية بالتعري، بخلاف العلمانية الشرسة التي تحارب الدين، فإن مظاهر التدين
التي انتشرت هي على الحقيقة مظاهر حرية يقابلها حرية مضادة تدحضها في حالة سيطرة
الطرف الثاني من المعادلة".
وأكمل التل: "إضافة إلى أن الأولى تورث الأجيال دينا
مبدّلا علمانيا، فما لله فيه لله، وما لقيصر فيه لقيصر، يفرح الناس فيه بالمظهر،
وينسون الجوهر الذي أصله أن تكون السيادة والحكم والتشريع فيها للإسلام لا لرأي
الناس"، لافتا إلى أن "وجود النفع في مظاهر التدين في المجتمع غير كاف
للحكم على نجاح الظاهرة، خاصة أن الشرع لا يقارن بين النفع والضرر، بقدر ما يقارن
بين النفع والإثم، فإن وجد الإثم بطل النفع، مصداقا لقوله تعالى في الخمر والميسر
(وإثمهما أكبر من نفعهما)، ولم يقل ضررهما، فحرم الخمر والميسر على ما فيهما من
إثم".
وأبدى التل انتقاده لمنهج حزب العدالة والتنمية، مؤكدا على أن
"المنهج القرآني في الاتباع يؤدي بالضرورة إلى العمران والعدل ولو بعد حين،
بخلاف منهج العدالة والتنمية الذي مؤداه إن فشل؛ خسارة امتيازات مظاهر التدين، وإن
نجح، فمؤداه علمانية مؤمنة لا تختلف عن علمانية بريطانيا وأمريكا التي تسمح بمظاهر
التدين، بل ربما هي عندهما أكثر من تركيا".
رابط التقرير:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق