أيها أقرب
ليس الإنسان ذاك المخلوق المُكَوَّن من الدم واللحم فحسب، فقد كُوِّنت منهما أمم الكائنات الأرضية إنسها وحيوانها، إنما هو الوعاء وما حوى، فإن أكرم المحتوى بجده واجتهاده فقد سما بنفسه عن ارتكاس الكائنات الأرضية إلى ذلك المخلوق الذي أكرمه الله تعالى وحمله في البر والبحر ليقوم بالأمانة ويُبلِّغَ رسالة السماء.
يُنازع الإنسان داعي الجسد والطين كما ينازعه مطلب الروح والدين، وفي غمرة الكد والكدح يَتَفَضَّلُ الله على عبادٍ يصنعهم على عينه، يخرجهم من ضيق الدنيا إلى سعة العزلة والخلوة القسرية مع الله، لو عرف الواحد منهم حاله بعد حين لما سمعت له في آنه أي أنين.
فالمنحة تولد من رحم المحنة.
والخلوة إن كانت تحبس الجسد فإنها تحرر الروح لتنطلق في الملكوت مُسبحة مُتفكرة ...
مُستدبرة ضيق الدنيا وكدها ...
مُستشرفة سعة الأمانة وتبعاتها ...
تُحطم القيد
تبتغي الوسيلة
أيها أقرب
17/3/2016