الأربعاء، 2 مايو 2018

زعيق بروس لي الخارق


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
زعيق بروس لي الخارق
تأخرت في كتابة هذا المقال خمسة أيام أو أكثر بانتظار انتهاء الاحتفالات، ليست بالطبع؛ احتفالات النصر بفتح القدس، ولا الفرح بعودة الإسلام نهج حياة، ولم تكن كذلك احتفالات بموت بشار أو حتى كنس البشرية من حثالة أتباعه، إنما كانت احتفالات الأمة الإسلامية (الآن) بموت سعد الدين كوبيك* (قبل) أكثر من خمسة قرون، ولعل الله استجاب دعاء عمر الشروف المتكرر لي بأن يُحَنِّنَ اللهُ قلبي على العباد (بصفتي دراكولا أو ما شابه) فأصبحت رقيقا حريصا أن لا أُنغِّصَ على المحتفلين احتفالاتهم، فهذا يُعلن عن عروض مخفضة على أسعار الكباب بمناسبة موت كوبيك، وذاك يوزع الحلوى على الجيران، وسكان القرية التركية القريبة من موقع تصوير المسلسل يهددون باقتحام المكان وقتل ممثل دور سعد الدين كوبيك إن لم يقم المخرج بقتله في الحلقة القادمة ، مما اضطره لقتله في الحلقة (115) على ما أظن ! لتحقق هذه الحلقة أعلى نسبة مشاهدة على الإطلاق، بالمناسبة هل يمتلك أحد منكم معلومة عن عدد حلقات المسلسل اللانهائية، والتي عَلَّقَ عليها نسيبنا الغالي زوج الغالية عبد الكريم  Abdulkareem Aouir بمنشور على الفيس بوك جعلني أقلب على ظهري من الضحك، قال فيه (إن تأسيس الدولة العثمانية على الحقيقة استغرق وقتا أقل من وقت حلقات مسلسل أرطغرل)، المهم؛ أصبحت حنونا وكتبت مقالي بعد انتهاء الاحتفالات، فليس هناك داع لأن يخرج لي أحدهم – بعد ما سَكَّرْنا جبهة عمر الشروف –  ويقول لي أنت قاسي القلب، أو يعطيني قداحة لإشعال الشمعة ما غيرها، ويقول لي لا تلعن ما نحن فيه من ظلام.
يا شيخ صلي على النبي، أليس هناك فوائد جمة من حضور هيك مسلسلات، وتقديس الأبطال التاريخيين، ليش أنت إنسان ظلامي ؟؟؟
  ظلامي ! غريب مع أني بلعن الظلام ليل نهار !
نعم هناك منافع لا شك، فحتى شرب الخمر له منافع بنص القرآن، فانظر إلى الصناعة التي ترتبت على نجاح محمد صلاح مثلا، فرشة وبطانيات محمد صلاح، حلاقة صلاح، نحت على الفاكهة على طريقة محمد صلاح، أغاني محمد صلاح، فانوس رمضان محمد صلاح، أبو الهول محمد صلاح .... إلخ ، أنا بحكي جد وما بتخوث، فهذه صناعات حقيقة قامت بمصر وليست نكت، هذا كله رغم أن صلاح محتج على استخدام اسمه بالدعاية دون الاتفاق معه لتوزيع المنافع إياها.
 أرجو من المتابعين الكرام قراءة المقال قبل مبارة ليفربول وروما اليوم مساء، فلو تفوق صلاح وأحرز (كمن جوول) فحجم الاحتجاجات على مقالي ستكون شديدة، وربما يطالب البعض بدمي، كما طالب أهل القرية التركية، فأصبح ( شهيد محمد صلاح)، أو أصير مثل (كباب سعد الدين كوبيك)، مما يضطرني اليوم تشجيع فريق روما حتى أسلم بريشي.
في دراسة أمريكية عن الواقع الافتراضي يرى بعض الباحثين إلى أن هذه التقنية قد تساهم في تعزيز التناقض الحسي داخل الإنسان وخلق مشاعر غير واقعية داخله، الأمر الذي قد يقلل من شعور الشخص بوجوده في العالم الحقيقي. وتفيد أخرى إلى أنها قد تزيد من انفصام المستخدم لها عن الواقع الحقيقي، وتترك آثارا نفسية سيئة بعد الانتهاء منها (أو انتهاء حلقات المسلسل اللامُتناهي) . كما يتساءل البعض : هل أصبح العالم الافتراضي بديلا عن العالم الحقيقي ؟
إن الشعور بالبطولة دون الشعور بتبعاتها الحسية الواقعية، والشعور بثمرة النصر دون معايشة أسبابه، والفرح  بقتل فلان أو موت علان الآن؛ رغم موته قبل مئات السنين والاحتفال بذلك، لهو الواقع الافتراضي بعينه، وهو يساهم كما أفادت دراسة أعدها باحثون بجامعة برنس تاون بولاية نيوجرسي الأمريكية ونُشرت بمجلة (Pain Medicine) بأن "الواقع الافتراض  قد يساعد على تخفيف الألم عن طريق صرف انتباه الناس عن أوجاعهم" هذه الأوجاع والآلام التي تُبصر الناس بحقيقة واقعهم، والتي كتبت عنها في مقالي السابق (زهو الخسارة) .
إن المسلسلات بواقعها الحالي "تعمل على نقل الوعي الإنساني إلى بيئة مغايرة تشعره أنه يعيش فيها على الحقيقة" وهو عين الذي حدث معي ومع الكثير منكم أيام الطفولة، يوم كنت أُمارس الكارتية لمدة اسبوع كامل على أخواتي الصغار بعد حضور فلم بروس لي ببدلته الصفراء الشهيرة ، وأزعق بصوت نشاز مزعجا الحارة بأكملها، مقلدا إياه في زعيقه الذي يرافق (لمسة الموت) القاتلة، وهم لا يقل عن أوهام اليوتيوب الذي أنتجته السعودية ويظهر فيه محمد بن سلمان يحرر إيران بخمس دقائق، بينما هي تتوسع في العراق وسوريا ولبنان واليمن ونحن ننام على خوارق أرطغرل وبين أقدام محمد صلاح وعلى أحلام محمد بن سلمان وهيئة ترفيهه.
أنا لست ضد الفن والأدب الإسلامي المحافظ الذي لا تُرتكب فيه المعاصي، والذي يشحذ الهمم للنهضة الكبرى، ويُذكرنا بتاريخنا المجيد، ذاك الفن الذي يُترجم إلى عمل، لا الفن الذي يكون كل هدف المشاهد بعد الفراغ من حضور حلقة منه؛ هو انتظار حضور الحلقة التالية، والتي لن تنتهي لأسباب سياسية وتجارية.
" وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا "
إنما هو ذلك الفن الذي تُوقد فيه شمعة تُعَلِّم بها أولادك
"الرماية والسباحة وركوب الخيل"
2/5/2018
·       سعد الدين كوبيك : خائن في مسلسل أرطغرل


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق