السبت، 23 يونيو 2018

نعيق الديك إذ مسه الجان


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
نعيق الديك
من أعاجيب الوحي التي لم يدركها الكثير من الناس، والتي يمكنك من خلالها فهم منطق (خاتم الأنبياء) هو قوله تعالى : "وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ (الْقُرَىٰ) حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي (أُمِّهَا) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ"، وقد بعث الله مئات الرسل ومئات الآلاف من الأنبياء، تبليغا للحقيقة الكونية بأن الله وحده هو الخالق الرب وهو المعبود الإله، وهو من عدله سبحانه وتعالى يُقيم الحجة على خلقه أجمعين، وحتى تكون فئة الذين لم تصلهم الرسالة قليلة العدد، والمُستثناة في قوله "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا"، فقد بعث الله الرسل في أم القرى، وهي المدن والحواضر المركزية التي يصل الحدث فيها إلى كافة الأطراف والأرياف المحيطة، وقد بقيت طرق التواصل محدودة منذ آدم عليه السلام فكثرت الرسل والأنبياء إلى أن علم الله وقدَّرَ أن التواصل بين البشر وصل إلى مرحلة يُكتفى بها برسول واحد خاتم وشريعة واحدة سائدة، فكان محمد، وكان الإسلام، وكانت مكة المكرمة هي أم قرى العالم التي أوصلت الدعوة إلى أغلب المعمورة في أقل من أربعين سنة من تاريخ البعثة، وما لبثت البشرية أن تطورت في طرائق تواصلها إلى أن وصلت السرعة المتناهية في وصول الصوت والصورة دون اعتبار للزمان أو المكان، وقد شمل هذا التطور وهذا البلاغ للرسالة الغالبية العظمى من البشر مذ آدم، فإن كان حصة البشر من كل الأنبياء وصلت إلى 10%  منهم، فإن أم قرى محمد صلى الله عليه وسلم وصلت إلى 90% منهم.
وسيأتي في آخر الزمان نبي الله عيسى مستكملا عملية التبليغ لا التشريع، ليقيم الحجة على غالبية البشر الذين جعلوا منه إلها ومعبودا، بل إنه سيأتي تابعا لشريعة محمد وقد نُزع عنه حق التشريع، لأن شريعة محمد اكتملت وتمت، وهي أحسن ما أنزل الله لعباده "وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم ".
وقد قال الله في الأمة التي كُلفت بحمل هذه الرسالة الخاتمة أنهم " الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ"، فشريعتهم هي أحسن الشرائع، وفي داخلها الحسن والأحسن، ومنها العدل وزيادة عليه الفضل، وهذه الفئة الخالصة من أمة محمد هي الخاصة الذين ورثوا عن الأنبياء مهمة تبليغ القرى ومن سكن فيها من بشر، وهم قولا واحدا خلاف الذين يتبعون ما تشابه من القرآن وتشابه من أحاديث الرسول، يبتغون الفتنة ويبتغون تأويله ويتركون مجمل القرآن والأحاديث - أحاسن القول المحكم - إلى متشابهه، مرد ذلك مرضٌ في قلوبهم مصداقا لقوله تعالى "هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ".
ولقد عمدت الأمة الإسلامية برعاعها وعلمائها التوفيق بين المتشابه من النصوص الثابتة والمقدسة ، بأن تؤكد الأصل وتضع له الاستثناء، وتحدد الناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، وما شابه من علوم شريفة عظيمة بُنيت على تصديق الله وتصديق رسوله بإعمال العقل في استنباط الأحكام الشرعية بناء على أدلة الأحكام وأصول الفقه والتشريع، فخلف من بعدهم خلف اتبعوا الشهوات، وعلى رأسها شهوة العقل، فرحوا بما آتاهم الله من علم، فضربوا النصوص بعضها ببعض، لأن إيمانهم ضاق عن إدراك أن كلام الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن كلام رسوله وحي يوحى، حاشا لربنا عز وجل أن يرسل لنا رسولا يتكلم بكلام ثابت عنه يكون فيه فتنة للناس في دينهم، إنما هو مشرع وكلامه وفعله وإقراره تشريع لا يجادل في ذلك مسلم، وما كان من أمور العلوم التطبيقية زراعية كانت أم طبية أم حربية، فقد جاء فيها الاستثناء عن الأصل؛ أنها من أمور الدنيا التي نحن أعلم فيها، بنص حديث (تأبير النخل) وغيره، فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يُبعث عالم فيزياء ولا فني مختبر ولا مهندس طرق، بل بُعث مُشَرِّعا في كل شيء إلا ما تم استثناءه بنص حديثه هو - بأبي وأمي -  لا بنص حديث كل من قصر عقله عن إدراك أصول الحديث وطرق الاستنباط، متعديا على الشرع بخلاف ما يمارسه من احترام كافة الاختصاصات الأخرى الطبية والهندسية والإدارية.
إن هذا الذي صاح مؤخرا ضمن جوقة نزع القدسية عن أحاديث الرسول إذا خالفت أهواءهم (لا عقولهم كما يزعمون)،  هذا الناعق باسم الجن وإبليسهم الأكبر المكذب لحديث نزول عيسى الصحيح وحديث بول الأبل وغيره، قد أجرى الله على لسانه إدانة نفسه بنفسه، كإخوة يوسف عليه السلام إذ قالوا لأبيهم "وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ " فقد بدأ المسكين منشوره البائس بدفع تهمة الزندقة عن نفسه، عاجزا عن كبح بقية خير بداخله تصيح من أعماقه صياح الديكة " إن ما تقوله زندقة"  وكرر دفع الشبهة عن نفسه سبع مرات في منشوره الصغير حجما وعلما، الكبير بهتانا وزورا على رسول الله، وصلت به الجرأة بوصف بعض الأحاديث قطعية الثبوت قطعية الدلالة، أنها مكذوبة على رسول الله، وليت شعري كيف لم يضع ولو احتمالا بسيطا أن الرسول قائلها ! ليت شعري كيف سيكون موقفه بين يدي سيد الخلق يوم القيامة قائلا له أنت كاذب لأن حديثك لم يدخل عقلي !!! فيا حسرة عليه وعلى بُنيته الصغيرة (التي خشي عليها من بول الإبل) وهي تراه في تلكم المهانة والصغار.
إن أصل وعلة الإيمان بالله هو التفكر والتدبر الذي يوصلك إلى الخالق، ثم يكون بعد ذلك التسليم لشرعه الثابت، وطاعته بطاعة رسوله الذي وردت به مئات الآيات في كتابه العزيز، والبحث يكون في قطعية أو ظنية الثبوت والدلالة، لا قطعية الاقتناع العقلي، هذا الاقتناع الساقط حكما، كون العقول مختلفة متنوعة، ولا يوجد مرجع واحد يضبطها، فكل له عقله وكل له منطقه، فالحسن ما حَسَّنهُ الشرع والقبيح ما قَبَّحهُ الشرع، ولعل صاحبنا هذا - مثلا - استقبح التداوي ببول الإبل متناسيا عشرات الأدوية التي تُستخرج من فضلات الحيوانات وحتى الإنسان، السائلة منها والصلبة. فقد اختلفت معه عقول أكابر الأطباء الذين استخدموا هذا الفضلات في العلاج، مقيمين الحجة عليه أن "عقله ليس مرجعية لأحد غير نفسه المتشككة".
إننا كأمة أخرجنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وبعد أن آمنا بالله ورسوله، نتبع ما ثبت عنه، ونسلم له، ولا نجد في أنفسنا حرجا من شيء منه"فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " وسنبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض بمن عليها.
إن مشكلة هؤلاء القوم ليست مع أحاديث الرسول، بل مشكلتهم مع أنفسهم وعقولهم التي وضعت نفسها ندا لنبي الله محمد، وما أن تنتهي مشكلتهم مع السنة حتى تبدأ مع القرآن، فقد ابتدؤوا انحرافهم بتكذيب القرآن الآمر باتباع رسول الله :
فقد خالفوا قوله  .... (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا")
ولم يقل لهم ما اقتنعتم به فخذوه !
وعصوا ... (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين)
ولم يؤمنوا ب (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) ويكون الوحي، كلاما، وفهما، وإلهاما.
وجعلوا أحكام نبيه كأحكامهم فهربوا منها " لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ".
يفعلون ذلك تحت غطاء نحن لا نشكك بكلام الرسول بل نشكك بنسبة هذا الكلام للرسول !
ألا فليعلموا أن التشكيك بنسبة الأحاديث الصحيحة للرسول رغم ما بذل فيها من علوم تثبّت وتنقيح غير مسبوقة في التاريخ، هي حجة واهية وكذب يتسترون به لأنهم :
لم يرفضوا الأحاديث بناء على سندها الضعيف كما فعل علماء الحديث عبر التاريخ
بل
رفضوا الحديث بناء على عدم قناعتهم به ، ولتبرير قولهم هذا شككوا لاحقا بنسبة هذا الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم
فكان التشكيك ب(نسبة الحديث للرسول) نتيجة لا سببا ، وكان موقف عقولهم هو السبب
وقد ورطوا ورطة كبيرة ، وأظنهم سيعجزون عن الإجابة عما يلي :
وبناء على قاعدة تقديم العقل (خاصتكم وليس عقولنا فلستم مخولين التكلم نيابة عن عقول المسلمين) على النقل، ثم اعتبار النقل مكذوبا عن الناقل ف
فكيف لعقل أن يقتنع أن الدواب ستكلم الناس ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً من الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ  )
وكيف لها أن تؤمن بقوم عددهم يفوق عدد البشرية لم ترصدهم الأقمار الصناعية بعد (حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ) !!!!
وأين هم عن الإيمان ب  (  قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (*)  قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُك )
ومثلها كثير
طبعا سيكون جوابهم الأولي - كما فعلوا مع الأحاديث من قبل - هو التأويل الفاسد لا التسليم، فقد أوَّلوا كل الأحاديث التي لم تؤمن عقولهم بها، ثم بعد أن عجزوا عن رد الحجة بالحجة لكثرة الأحاديث وقوة معانيها العربية الواضحة، لجؤوا إلى تكذيبها بشكل فردي، كما يفعل صاحبنا الذي مس الجن ديكه فنهق، وقد وجد الذين تولوا كبر الموضوع ذلك طريقا صعبا، فعمدوا إلى التشيكك في البخاري ومسلم، فإن نجحوا بذلك فقد أغلقوا جبهة الأحاديث برمتها، وأطلقوا العنان لعقولهم القاصرة الفساد في الأرض.
فليحذر هذا وأمثاله ومن اغترَّ بكلامه، فقد قطع الشوط أناسٌ قبلهم إنتهى بهم المقام التشكيك بالجنة والنار والحور العين سيرا على نفس النسق.
إن الله هو الخالق بلا شك
وهو كامل بصفاته وأفعاله
وقد أرسل لنا رسولا بالهدى والبينات وطلب منا طاعته واتباع شرعه بقرآنه الثابت
وقد أخبرنا هذا الرسول أنه "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه"
وأخبرنا أيضا عن هؤلاء المكذبين لحديثه عقلا فقال فيهم "  يوشك أن يقعد الرجل متكئاً على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله "
أنتم أم القرى وإنه الدين الخاتم وإنه النبي الخاتم
فالزموا غرزه
وإلا فإنه لا قرآن لكم
اللهم إني بلغت اللهم فاشهد
23/6/20181
ردا على بعض المناقشات 

السلام عليكم أخي عمر
أولا: أعيد التأكيد أن البوست معني بالعامة ممن يرفضون الأحاديث عقلا من غير أهل الاختصاص.
ثانيا : أهل الاختصاص في تصحيح الحديث أو تضعيفه هم علماء الحديث المختصين وليس أصحاب الاختصاصات الأخرى شرعية كانت أو طبية أو هندسية.
ثالثا : لست معنيا بالرد على كتاب الغزالي فهو ليس محل بوستي، ولي تحفظات عليه يوم صدر ونحن طلاب في الجامعة وما سببه حينذاك من فتن وكان من أسباب جرأة الناس على الحديث.
رابعا : سأرد على المنهج الذي اعتمده كتاب الغزالي في ضرب مثال آخر هذه المشاركة، كحالة تبين عوار المنهج.
خامسا : لا يوجد ما يسمى ب (رد متن الحديث عقلا) إنما هناك تضعيف للحديث متنا إذا وجد فيه علة أو شذوذا وهذا من شروط الحديث الصحيح.
سادسا : قام علماء الحديث بإخضاع الأحاديث لشروط الصحة المتعلقة بالسند وهي الاتصال والعدالة والضبط ، والشروط المتعلقة بالمتن وهي خلوه من العلة والشذوذ، وبذلك تم تنقية أحاديث وتصنيفها ابتداء من الموضوع وانتهاء بالصحيح والمتواتر.
سابعا : كان أصح هذه الكتب (البخاري ومسلم)، وقد وضع فيها من الجهد والقبول لدى عامة المسلمين وخاصتهم من علماء الحديث وعلماء كافة الاختصاصات الأخرى مما رفعهما لمنزلة أصح الكتب بعد القرآن الكريم متنا وسندا، وضبط ذلك كله علوم غير مسبوقة في تاريخ البشر.
ثامنا : لو طبقنا هذه العلوم على كلام الرافضين للأحاديث عقلا ، وعلى كتاب الغزالي(مثلا) لتم رفض كلامهم وكتبهم سندا ومتنا، ومع ذلك تجد من يحتج برأي فقيه معاصر ليس بعدل ولا ثقة نُقل رأيه آحادا، يُحتج به على ما ثبت سندا ومتنا، وقد كتبت بذلك بوستا قديما سأنقله في آخر النقاش أسميته (ولن نقبل لكم حديثا).
تاسعا : إن مرجعية العلة والشذوذ هو النص أيضا وليس عقل المتكلم، فالحديث الذي شذ عن مثيله من الأحاديث الأخرى أو وجد فيه علة بمخافة ثابت في الدين قام عليه نص أقوى منه، يتم تضعيفه بناء على ذلك وليس بناء على عقل غير منضبط إلا برأي صاحبه، وسأبين ذلك في المثال أدناه.
عاشرا : الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع، وهذا معيار ثابت زمانا ومكانا، أما من يزعم أنه يمثل العقل في تحسينه وتقبيحه للأشياء فقد سقطت دعوته شكلا، فليس بين يديه ما يفيد أنه هو مرجع العقل، كما فعل الغزالي في استقباحه أشياء صححها جهابذة العلماء بناء على رأيه العقلي، أو كما يزعم بعض من يناقش على صفحة (ديك الجن)، فأحدهم يرفض الحديث لأنه يعتقد أنه يخالف الفطرة، وآخر لمخالفته النفسية، ومنهم لمخالفته العادات والتقاليد ... الخ ، فحولوا بذلك حديث خاتم الأنبياء المشرع بكلامه وفعله وإقرارته سيد الخلق نبينا محمد المعصوم صلى الله عليه وسلم ، حولوا حديثه إلى برنمامج (ما يطلبه المستمعون) مع ديك الجن بدلا من كوثر النشاشيبي.
وأخيرا : سأضرب مثالا يبين عوار هذا المنهج الخطير الذي سيضيع لنا قرآننا بعد أن يُضيّع لنا الأحاديث :
سير على قاعدة (رد المتن) المنفلتة الخرقاء رد هؤلاء الحديث الصحيح عن سحر الرسول صلى الله عليه وسلم، وبينما أخضع علماء الحديث والأمة جميعا هذا الحديث للمعايير الضابطة فوجدوه صحيحا من ناحية السند وخاليا من العلة والشذوذ، لجأ أصحابنا إلى تضعيف الحديث بحجة عقلية واهية وغير منضبطة، وهي قولهم (كيف للرسول أن يُسحر وهو النبي المعصول وكيف له أن ينقل لنا الوحي وهو مسحور) واعتبروا تلك حجة كافية لرفض الحديث واعتباره مكذوبا على رسول الله.
فأقول مستعينا بالله ، إن السحر عرض يصيب الإنسان يؤثر على قدرة معينة عنده لفترة محددة وفي أشياء محددة، كما أن المرض أو ارتفاع درجة الحراة تؤثر على الإنسان كذلك، فهل لنا أن ننفي عن رسول الله الحمى لأنها تؤدي إلى الهلوسة ؟؟!!
إن السحر الذي أصاب الرسول كبشر كان تأثيره عليه وبنص الحديث أنه كان يُخيل إليه أنه يأتي أهله، كما أن الحمى التي أصابته يوم وفاته أثرت على قدرته في إمامة الناس في الصلاة، وكما أن الأصابة يوم أحد أثرت عليه فكان يسقط ويقوم عليه الصلاة والسلام.
إن الله الذي تعهد بحفظ الرسالة والوحي كفيل بحفظ الدين يوم خيل للرسول أنه يأتي أهله أو يوم أصابته الحمى وفقد الوعي، فلا تتهموا الله بالعجز عن حفظ الوحي لأن الرسول سُحر.
إن رد هذا الحديث إلى القرآن دفعا لأي علة فيه يبين لنا أن النص القرآني أثبت وقوع السحر على سيدنا موسى وهو تبي مرسل ولم يؤثر ذلك في الوحي الذي كان يتنزل عليه ولم يشكك أتباعه به بسبب ذلك،كما يفعل (ديك القرد) وأشباهه.
يقول تعالى عن موسى : " قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ"
فقد خُيل إلى موسى أن الحبال تسعى كما خيل لمحمد أنه يأتي أهله ولم يؤثر ذلك رسالتيهما كما يزعم أهل الشك والزيغ.
إن المعوذات التي نتلوها ليلا نهارا كانت من فضل الله علينا إذ أنزلها شفاء للرسول من سحره ، وكانت حادثة سحره سبب نزول هذه الآيات ، يعلم ذلك الغزالي وعالم التفسير المستخف بأحاديث رسول الله وثالثهم ديك الجن.
لو فتحنا هذا الباب لكذب هؤلاء بالجن كما كذبوا السحر وسيلحق بذلك الحسد والعين وكل الغيبيات التي عجز إيمانهم عن إدراكها.
إن المثال السابق أعلاه يثبت أن هؤلاء كذبوا بالأحاديث ليس لعدم صحتها سندا ومتنا وإنما لهوى وشكا ومجاراة للغرب في ماديته التي لا تؤمن إلا بالمحسوس.
إن هؤلاء بعد مواجهتهم بالحجة والدليل وجب على الأمة تسفيه أحلامهم وإنكار فعلهم والسخرية منهم، لأن فعلهم يجب أن يكون في المجتمع محل رفض وإنكار لا محل رأي آخر محترم، فمن كذب رسول الله كذبناه،ومن سخر من حديثه (تحت أي حجة) سخرنا منه، سيرا على نهج نوح عليه السلام إذ يقول ( فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ) ولا كرامة لهم
وهذا دأبي معهم لن أغيره، وهم خلاف الباحث عن الحقيقة حتى لو كان كافرا ملحدا، فذاك أنفرد به مترفقا حتى يبلغ مأمنه ويؤمن
وأرجو منهم أن يكونوا صادقين مع أنفسهم إيمانا أو تكذيبا ولا يكون حالهم
"أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ"
اللهم إن هذا جهدي في المنافحة عن رسولك الذي سخروا من أحاديثه فاقبله مني واغفر لي

27/6/2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق