بسم الله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كُلكم ضدي
الكُتَّابُ ومن كان لهم اهتمام بالأدب يُدركون أن المكتوب المُؤَثِرَ،
هو ذلك المكتوب الذي اقتات على قلب كَاتِبه، أو أن أحداثه كانت من تجربة الكاتب
الشخصية، لذا تراهم يزعمون بعد كل مقال أو رواية، أنهم كشفوا طابق الكاتب المستور،
فانظر إلى حال العبد الفقير (حضرتي)، فبعد أن كتبت مقالي قبل الأخير (شاورما صاج)
تجدد شعوري أن كل الناس ضدي، وبدؤوا ينظرون إليَّ على أني شخص محكوم من قبل
السلطات العليا في البيت، وأن السلطة الحقيقة هي بيد لبنى العقاد (أم طارق)، وإذا
أضفتَ إلى ذلك بعض النظريات الغبية القائلة، أن القوامة في البيت ليست بيد الرجل،
ويفسرون كلمة (رجل) في القرآن بمعنى الساعي، وكلمة (نساء) بمعنى القاعد، يضربون
بذلك اللغة العربية بعضها ببعض خبط عشواء، لا يتركون معنى من معاني العربية
الواضحة إلا ويؤولونه تأويلا فاسدا شاذا، مجاراة لهوى العقل، وتزلفا للآخر، أو
خوفا من سلطاتهم العليا في خدورهم، إذا جمعت كل ذلك مع بعضه، فستصل إلى نتيجة
مفادها أن حضرتي (رجل محكوم).
وهذه النتيجة بالطبع نتيجة فاسدة، فالكاتب في سعة من أمره، يكتب
أحيانا تفاصيل دقيقة عن واقعه ومشاعره، وأحيانا كثيرة يتقمصُ الكاتب حالة معينة
ويتمثل شخصية محددة يستغرق في تفاصيلها، مستعينا بأحداث حقيقية، فيضحك مع المنتصر
ويبكي مع المهزوم، هائما ولهانا في موطن، وثائرا فيلسوفا في آخر، ليتمخض ذلك عن مقال مُضحك هنا أو خاطرة مؤثرة
هناك، وبما أن (كلكم ضدي)، فأنا على يقين أن الكثير لن يصدق أني أتقمص حالة (كلكم
ضدي) في هذا المقال.
بدأت أكتشف المؤامرة في سن مبكرة، وأصبح شغلي الشاغل جمع الخيوط
والأدلة، مُدركا الكم الكبير من الناس الذين لا يسرهم تقدمي ونجاحي، فأولاد الحارة
يُصِرُّون أن ألعب بموقع حارس المرمى لا الهجوم ... فكركم شو السبب !!! وأختي
الكبيرة أم عمر كانت تضربني وأنا صغير بحجة الضبط والربط ... أبصر من وراها ؟؟؟
أما أختي أم صلاح فكانت تزعم أن خَدِّيَ مُغرٍ، فكانت تنتهز فرصة انشغالي بحل مشاكل
الإسلام والمسلمين وأنا في الجامعة، وتصفعني على وجهي وتهرب ... أكيد الماسونية
تريد تعطيل سعي لأستاذية العالم !!! اتضحت المؤامرة، ولم يعد هناك من شك، فحتى أستاذ
الفيزياء في المدرسة زعم أني لم أُسَلِّم ورقة الامتحان ووضع لي صفرا مكعبا، ومع أنه اعتذر في اليوم الثاني بعد أن وجد ورقتي بين
أوراقه المبعثرة، لكني بت لا أشك أنه فعل ذلك لأنه فلسطيني ويكرهني لأني أردني،
وما أظن أم طارق تمنعني من (شاورما الصاج)
إلا لأنها فلسطينية ولا تريد مني إلا أكل المسخن والملوخية لا المنسف والمكمورة ... شكلو حكماء بني صهيون
وراء الموضوع !!!
الوحيدة التي لم تكن تتأمر عليَّ أمي حبيبتي، كانت دائما تجدني
مُحِقَا، دأب الأمهات الرائعات مع أولادهنَّ، أما والدي رحمه الله واخواني
وأصدقائي فكلهم ضدي، حتى عمر الشروف دائما ضدي، لا يترك لي منشورا إلا ووكزه، ولا
فكرة إلا وجادل بها، وحتى الجن اشترك في المؤامرة الكونية ضدي، فهو يطاردني بالعين
والحسد والسحر، وأدل دليل على ذلك، أني يوم كتبت منشورا أبارك فيه لطارق تخرجه من
كلية الطب، طرقتني عين ما صلت على النبي، ففي يوم واحد، تعطل محرك سيارتي، وانسطح
المبادل الحراري في غرفة البويلر، ووقعت الثريا في غرفة الضيوف بجانب رأسي.
ألم أقل لكم أن الإنس والجن ضدي .... واضحة ما بدها حكي !!!
ومع أن الله سبحانه وتعالى يُذكرني وعباده بعكس ذلك تماما،
بقوله : " أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا
قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، فرغم وجود جيش قريش الكافر في معركة أُحد، ورغم غلبة
عدده، ورغم احتدام المعركة وهزيمة المسلمين بالأسباب الظاهرة، إلا أن الله أقّر
الحقيقة المطلقة " هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ"، لأن أداء الواجبات
والأخذ بالسنن خير طريق لتحصيل الحقوق وإتمام المُنجزات، لكن المشكلة تكمن أن
إقراري بهذا؛ يعني أني أتحمل مسؤولية إخفاقاتي وأخطائي، وهذه حقيقة مُرَّة لن أستطيع
مواجهتها، كما أن غالب البشر مثلي لا يحبون مواجهتها، أفرادا وجماعات كانوا أو دُوَلا،
فالإقرار بها يعني أن الشخص أو القائد أو الحاكم قد فشل، والحل الأسهل له هو اتهام
جهة خارجية، والخروج من التبعات كما تخرج الشعرة من العجين، بينما الحقيقة تقول أن
الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ (عُصْبَةٌ مِّنكُمْ) لا منهم.
فنحن لا نتحمل مسؤولية
ضياع فلسطين والحق على بلفور، وليس الثوار الذين كانوا على مئة ملَّة، يُنَفَّذُونَ
إملاءات الجهات الممولة، هم سبب فشل الثورة السورية، إنما السبب روسيا وإيران،
وانهيار العملة التركية لأسباب بُنيوية مُتعلقة بالاقتصاد التركي، وبسنة محق النظام
الربوي، والمستمر منذ أعوام وحذر منه كل خبراء الاقتصاد، سببه المؤامرة الكونية؛
لأن كل الناس ضدنا، وكأن الله لم يخلق التدافع بين البشر لعمارة الأرض، إنما خلقه
لتبرير القصور والعجز وجمع الجماهير وراءنا لمواجهة المؤامرة والنفاد من المحاسبة
على التقصير وعدم الأخذ بالأسباب الحقيقية والشرعية إلى معارك دون كيشوت مع طواحين
الهواء.
دولة الكيان الصهيوني لم تأخذ فلسطين بسبب وعد بلفور، إنما
أخذتها لأن المسلمين كانوا في أضعف مراحلهم.
ومحرك سيارتي لم يتعطل
بسبب الحسد (رغم إيماني بوجوده) وإنما تعطل لأني لم أعمل الصيانة المطلوبة.
وانهارت العملة التركية نتيجة لأسباب موضوعية كثيرة.
وأم طارق منعت شاورما
الصاج لأسباب صحية.
وأنا فقدت السيطرة
والقوامة في البيت لأسباب موضوعية.
وما نشأ عن كل ذلك من؛ أخبار مُضحكة تداولتها المواقع وتلوكها
الألسن، كقرار تميم بيع الغاز القطري بالليرة التركية دعما لأردوغان ، أو مقال
(كلكم ضدي)، هي مجرد محض إشاعات تكمل نظرية المؤامرة الكونية.
وبعد أذنكم ... سأغادر
لأني قررت أن أنهض بشأن
نفسي ولا ألقي التبعات على غيري
ومُتأخرا الآن س(أقطع
راس القط من أول ليلة)
.
.
إذا سمحت أم طارق بإدخل القط للببيت ... ابتداءً
وسَلَامِتْكُمْ
14/8/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق